وجه الأولى: أنهما قولان متضادان، (فالثاني) منهما ترك (للأول) كالنصين المتضادين من صاحب الشرع، ولأنه إذا (أفتاه) بإباحة شيء ثم عاد وأفتاه بتحريمه، فالظاهر أنه رجع عن الأول، لأن الحق عنده في واحد، فلا يجوز أن ينسب إليه.
وجه الثاني: أن قوله أولا بالاجتهاد. والثاني (كذلك)، والاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد، ولهذا روى عن عمر رضي الله عنه: أنه لما قضى في المشتركة بأن لا يرث ولد الأم، ثم جاءته بعد عام فقضى بذلك، فقيل له: هب أن أباهم كان حماراً أليس قد ولدتهم الأم؟ حكم بالتشريك، وقال: تلك على ما قضينا، وهذا على ما قضينا، فلم يبطل الأول (بالثاني).
والجواب: أنا لا نقول: إنه إذا حكم في حق قوم ونفذ الحكم يرجع، لأن نقض الاجتهاد بالاجتهاد يفضي (إلى) أن لا يستقر حكم، وإلى وقوع الشغب بين الناس، ولهذا لا يسوغ للحاكم أن ينقض حكم من قبله إذا خالفه، فأما في مسألتنا فهو مذهب الإنسان لم يتعلق به حق غيره، فإذا قال شيئاً ثم عاد فقال