والجواب: أنا قد رويا تخطئة بعضهم بعضاً في قصة التي أجهضت ذا بطنها، وفي قول ابن عباس: ألا يتقي الله زيد، وغير ذلك، وإنما لم ينكر بعضهم على بعض، ويمنع من الاقتداء به، لأن الشرع جعل المخطيء موضوعاً خطأه مثاباً عليه، ولأن هذه الأحكام لا يعلم الخطأ فيها يقينا، وإنما هو (غلبة) ظن، ولأن الإنكار ونقض الأحكام يقضي إلى التشاجر والفتنة والتضييق على العوام، لأن كل واحد منهم يقول: اقتد بي ولا تقتد بفلان،/210 أولا يعلم العامي أيهما يقلد ولا من المصيب، وكذلك في نقض الأحكام يقضي إلى أن لا يستقر حق، لأن كل قاض رأى من قبله قد خالفه (فنقض) حكمه، فلا يستقر لأحد ملك ولا حق، وهذا لا يجوز، فلهذا أمسكوا.
ودليل آخر: (ولأنه لو) كان جميع المختلفين مصيبين لم يكن لمناظرة بعضهم لبعض فائدة، لأن كل واحد منهم يعتقد أن الآخر قد أدى ما كلف وأصاب في فعله، فلما رأينا (المتكلمين) أجمعوا على حسن النظر، وعلمنا أن كل واحد منهم يناظر صاحبه ليرده عما هو عليه، علمنا أن الحق في واحد وإلا فالمسلم لا يناظر المسلم بقصد أن يرده عن الصواب الذي هو عليه.