يعرفوا الله سبحانه بعقولهم، ويردون الشبهات المؤدية إلى التعطيل والتشبه بالحكمة التي جعلها الله فيهم، والنور العقلي المفرق بين الحق والباطل، وإلا فنحن نعلم أن المفكر إذا خطر بباله أن الكتاب لعله مخترع مختلق من جهة مخلوق والرسول لعله متخرص متحرف لم يخرج ذلك من قلبه، الرجوع إلى الآيات والسنة وهو يتوهم ما ذكرنا، وإنما يرجع إليه بعد ما ثبت عنده حقيقة التوحيد، وصدق الرسول، وأن القرآن كلام الله الذي لا يجوز عليه الكذب، وعرف محكم الكتاب من متشابهه وعرف طريق الأخبار وما يجب فيها فإنه يستغني حينئذ عن النظر بعقله.
فإن قيل: فهذا تهوين (لأمر) الرسل، وجعلهم لا يعنون في التوحيد شيئاً، وإنما يفيد بعثتهم في الفروع، وإنه لا فائدة (في الآيات) التي ذكر فيها/206 أالتوحيد والدعوة إليه.
والجواب: أنا نقول لهم في الأصول أعظم فائدة، لأنهم ينبهون العقول الغافلة، ويدلون على المواضع المحتاج إليها في النظر ليسهل سبيل الوقوف عليها، كما يسهل من يقرأ الكتاب على المتعلم بأن يدله على الرموز، ويبين له مواضع الحجة والفائدة، وإن كان ذلك لا يغنيه عن النظر في الكتاب وقراءته، وأيضاً (فإن بعثتهم لتأكيد) الحجة، (فإنهم يؤكدون) الحجة على العباد كيلا يقولوا خلقت