تعالى، (ولا نعرف التأييد من الله) حتى نعرفه ونعلم أنه لا يؤيد الكذاب بالمعجزة، ولا نعرف ذلك إلا بنور العقل الذي هو نوع من العلوم الضرورية، فدل على أن معرفته سبحانه بالعقل.
ودليل سابع: لو لم تجب معرفته بالعقل لوجب أن يجوز على الله سبحانه أن ينهى عن معرفته، وأن يأمر بكفره وعصيانه والجور والكذب، كما يجوز أن ينسخ ما شاء من السمعيات، ويوجب ما كان قد نهي عنه، فلما لم يجز ذلك دل على أن ذلك غير ثابت بالسمع، وإنما ثبت بالعقل/205 ب الذي لا يتغير، ولا يجوز (نسخه ولا قلبه)، (وأيضاً يدل على ذلك عبارة ملخصة أن من وجد نفسه مؤثراً بآثار الصنعة مستغرقاً في أنواع النعم لم يستبعد أن يكون له صانع صنعه وتولي تدبيره، وأنعم عليه، وأنه إن لم ينظر في حقيقة ذلك ليتوصل إلى الاعتراف له والالتزام لشكره يموت على ما أغفل من النظر، وضيع من الاعتراف بالشكر، فإن العقل سبيل إلى إلزامه النظر لا محالة إذ لا شيء أقرب له إلى الإيمان من النظر فدل على وجوبه بالعقل.
ودليل آخر: أن الله سبحانه وتعالى وهب العقل وجعله كمالا للآدمي، فإذا أغفل النظر فقد ضيع العقل إذ لم يقتبس منه خيراً وإذا