قلنا: لا نسلم، (وكيف) يكون عدم دليل حكم دالاً على إثبات حكم آخر.

فإن قال: المجتهد إذا تعارض عنده الدليلان في الحادثة وجب عليه أن يقف حتى يتبين له.

قيل: نعم. غير أنه لا يقول: حكم الله في هذه الحادثة الوقف، وإنما يقول: إلى الآن لا أعلم الحكم فيها فقولوا: لا نعلم حكم الأعيان والانتفاع بها قبل ورود الشرع، (مع اعترافكم) أن حكمها إما الحظر، وإما الإباحة، ولا تقولوا: حكمها الوقف.

وجواب آخر: أنه قد اجتمع العقلاء على أن للعاقل أن يتنفس في الهواء ويسد رمقه، ويتحرك في الأماكن ولا يمتنع منه لعدم الشرع، فيجب أن يقولوا في بقية المنافع كذلك.

فإن قيل: كذلك نقول: ولسنا نمنعه من الانتفاع (بكل المنافع).

(قلنا): فهذا معنى ما نقول، لأنه إذا لم يكن ممنوعاً منه ولا مأثوماً عليه فهو مباح.

واحتج: بأنه لو كان العقل يوجب في هذه الأعيان حكماً لما جاز أن يرد الشرع بخلاف (ذلك، لأن الشرع لا يرد بخلاف) مقتضى العقل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015