فقد قلتم بالإباحة، وإن قلتم منها ما يحسن، فقد قلتم: بأن هناك (أصلاً) يدل على إباحة المباح وحظر المحظور، فلا وجه للتوقف.
فإن قيل: نقول: إن العقل لا يحسن ولا يقبح.
(قلنا): فالعاقل لا يمكنه الانفكاك عن (الفعل) أو الترك، فهل يذم في الأمرين أو لا يذم فيهما؟
فإن قالوا: لا يذم فقد قالوا: بالإباحة، وإن قالوا: يذم فقد ألزموا الإنسان/202 ب الذم بما لا يمكنه الانفكاك عنه، وإن قالوا لا ندري، فقد جوزوا الذم على ما لا يمكن الانفكاك (منه)، ومعلوم بطلان ذلك، ثم يقال: بماذا علمت أن العقل لا مجال له في إباحة ولا حظر؟
إن كان بالشرع فبين، ولأن كلامنا في عقل منفك عن شرع. أو قال: علمت بالعقل فقد أقر بأن العقل يقدر الحكام ويدل عليها.
دليل آخر: يقال لهم: هل تعلمون إباحة الوقف أم لا؟.
فإن قالوا: لا نعلم.
قلنا: فلِمَ أقدمتم عليه؟ وهلا أقدمتم على سائر المنافع كما أقدمتم على الوقف؟