وجواب آخر: أن هذا ليس بغرض مسألة، ولكنه مشاركة في علته، وأصله في معنى الحكم الذي فرض (فيه)، ألا ترى أنه لا يمكنه أن يجمع بينه وبين حكمه؟، وذلك يوجب نفي حكمه، فإذا انتفى ثبت الحكم الآخر بالعلة، بيان ذلك أنهما اتفقا على أن غير الصوم من العبادات - لا يشترط في صحة الاعتكاف، وذلك إجماع، فإذا نفى القالب بقلبه وجوب الصوم، (واشتراطه) في الاعتكاف لم يبق إلا أن يكون الاعتكاف قربة بنفسه، لأنه عبادة ورد الشرع بها، (فقد صار) كأنه أثبت كونه بانفراده قربة، فانتفى قول المستدل، فلم يكن بانفراده قربة وصار ذلك كما لو عارضه بعلة أخرى، حكمها ضد حكمه، فإنه يلزمه الكلام، فإن عجز بطل استدلاله، ولا يكون ذلك فرض مسألة على المستدل.
فإن قيل: فلو كان كما ذكرت لما صح القلب، لأن الحكم وضده لا يجتمعان في (أصل) واحد وعلة واحدة.
(قلنا): إنما لا يجتمع الشيء وضده إذا صرح به، مثل أن يقول أحدهما: فكان من شرطه الصوم.
ويقول الآخر: فلم يكن من شرطه الصوم، لأن النفي والإثبات لا يجتمعان، فأما حكمان مختلفان، فإنه يجوز اجتماعهما،