(قلنا): لا يكفي في صحة العلة عدم الدليل على فسادها، بل يحتاج إلى دليل على صحتها، وقد بينا أن الطرد ليس بدليل، لأنه يوجد مع الفساد.
واحتج المخالف: بأن العلة إذا اطردت وسلمت مما يردها (أو ينقضها) دل على صحتها، وقد نبه الله تعالى على ذلك فقال: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً}، فدل على أ، العلة إذا لم يوجد فيها اختلاف فهي من عند الله، وما كان من عند الله فهو صحيح.
(والجواب): أن عدم الدليل على صحتها (يدل على أنها غير صحيحة، فالمدعي حقاً على غيره، لا يقول: بينتي أنه ليس معك ما يدل على فساد دعواى، فدل على صحتها)، بل نقول: إن لم تقم البينة فدعواك باطلة، قال تعالى: {لَوْلا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَاتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُوْلَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمْ الْكَاذِبُونَ} فأثبت كذبهم لعدم البينة، ولهذا لو ادعى إنسان النبوة، فقال: الدليل على صحة قولي عدم ما يفسده.
قلنا: بل عدم ما يصحح دعواك دال على فسادها، فأما