عندي، لأن الضرب والشتم ليس بموجود في اللفظ، وإنما هو في معناه، لأنه تعالى حرم التأفيف لما فيه من الأذى والهوان المنافي للإكرام والضرب فيه ذلك وزيادة، فثبت أنه يمنع منه (بالمعنى) لا باللفظ، وهذا صحيح، (لأن) الإنسان إذا سمع قوله {فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} إلى قوله {وَقُلْ لَهُمَا قَوْلاً كَرِيماً} علم أن الله سبحانه وتعالى أمر بإعظامهما وإكرامهما، لا سيما مع ما تقرر في الطباع من وجوب إكرامهما، فعلم أن التأفيف ينافي التعظيم، وإنما نافاه لكونه أذى، وإذا ثبتت هذه العلة، لم يجز للحكيم أن ينهى عن الشيء لعلة، (ويرخص) فيما فيه تلك العلة وزيادة.
فإن قيل: إن لم يكن الضرب موجوداً (في اللفظ إلا أن عرف) أهل اللغة أن هذا اللفظ وضع لمنع الأذى، كما يقول الإنسان لعبده: لا تنظر إلى فلان، معناه لا تتعرض له بضرب أو غير ذلك، ويقول: ما له عندي حبة واحدة، (يريد به) (ما زاد) وما نقص عنها.
(قلنا): يجب أن تنقلوا أن أهل اللغة وضعوا ذلك للمنع من الضرب، ولا طريق لهم إلى ذلك، وما ذكروه من قوله