أراد إلزامنا الإخبار عن (كون زيد) في الدار مطلقاً، لا بحسب الظن، فذلك غير لازم، لأن من شرط الخبر المطلق القطع، والقطع في الخبر لا يكون نتيجة الظن: بخلاف العبادات الشرعية، فإنها مصالح وغير ممتنع أن يكون فعلها، ونحن نظن شبه الفرع بالأصل مصلحة لما بينا من أن التعبد قد يحصل بما طريقه الظن من أخبار الآحاد والظواهر، والحكم بشهادة الشاهدين وتولية الأمراء، والقيام من تحت الحائط المائل، وغير ذلك.
واحتج: بأنه لو كانت العلل الشرعية عللاً لكانت كالعقلية في استحالة انفكاكها عن أحكامها، ألا ترى أنه يستحيل وجود الحركة بجسم غير متحرك، فلما جاز أن تنفك (عن أحكامها) قبل الشرع، ثبت أنها ليست عللاً.
والجواب: أنكم جمعت بين الشريعة والعقلية بغير جامع، على (أن العلل العقلية) لا تنفك عللها من أحكامها، لأن الجسم إنما كان متحركاً لوجود الحركة به، والحركة لا تكون إلا بمحل متحرك فلم يصح انفكاك أحدهما من الآخر، بخلاف علل الشرع فإنها أمارات على الحكم في الأصل، وقد يكون الحكم تارة ثابتاً في الأصل وتارة لا يكون ثابتاً بأن ينسخ، ولهذا اختلفت شرائع الأنبياء (عليهم السلام) لحسن النسخ ولا يرد النسخ في العقل.