ببعض مسمياته، يعني: أن أهل العرف خصوا أشياء كثيرة ببعض مسمياتها، وإن كان وضعها للجميع حقيقة، وهي قسمان: عامة، وخاصة. فالعامة: ما انتقلت من مسماها اللغوي إلى غيره للاستعمال العام بحيث هجر الأول، وذلك إما بتخصيص الاسم ببعض مسمياته كالدابة بالنسبة إلى ذات الحافر، فإن الدابة وضعت في أصل اللغة لكل ما يدب على الأرض فخصصها أهل العرف بذات الحافر من الخيل والبغال والحمير ... وإما باشتهار المجاز، كإضافتهم الحرمة إلى الخمر، وإنما المحرم الشرب، وكذلك ما يشيع استعماله في غير موضوعه اللغوي، كالغائط، والعذرة، والراوية، وحقيقتها: المطمئن من الأرض، وفناء الدار (?)، والجمل الذي يستقى عليه الماء (?). والخاصة: ما لكل طائفة من العلماء من الاصطلاحات التي تخصهم، كاصطلاح النحاة، والنظار، والأصوليين، وغيرهم على أسماء خصوها بشيء من مصطلحاتهم، كالمبتدأ، والخبر، والفاعل، والمفعول، والنقض، والكسر، والقلب، وغير ذلك مما اصطلح عليه أرباب كل فن).
والحقيقة الشرعية: هي اللفظ المستعمل فيما وضع له أولا في الشرع كالصلاة للعبادة المخصوصة المفتتحة بالتكبير المختتمة بالتسليم، وكّالإيمان، للاعتقاد والقول والعمل.
قال الشيخ في "الأصل": (وفائدة معرفة تقسيم الحقيقة إلى ثلاثة أقسام أن نحمل كل لفظ على معناه الحقيقي في موضع استعماله فيحمل في استعمال أهل اللغة على الحقيقة اللغوية، وفي استعمال الشرع على الحقيقة الشرعية، وفي استعمال أهل العرف على الحقيقة العرفية).
قال الشيخ: المجاز هو: (اللفظ المستعمل في غير ما وضع له).
قال في الأصل: (فخرج بقولنا: " المستعمل " المهمل فلا يسمى حقيقة ولا مجازاً.
وخرج بقولنا: " في غير ما وضع له " الحقيقة).
وهذا الحد غير مانع فقد يدخل فيه ما لا يصح أن يكون مجازا على جميع الأقوال لعدم وجود علاقة بين المعنى الحقيقي والمجازي، ولا وجود قرينة للصرف للمعنى المجازي