وجب عليه التوقف وجاز التقليد حينئذ لضرورة).
قال الشيخ في "الشرح" (ص/633): (إن أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد وهذا الكلام من المؤلف يدل على أن المجتهد مخطئ ومصيب، وليس كل مجتهد مصيبًا- وهو كذلك- والدليل قوله: "إذَا حَكَمَ الحاكمُ فاجتهد فأصابَ فله أجرَانِ، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطا فله أجر " وهذا صريح في أن المجتهد وإن أخطأ فله أجر لأنه تعب وحرص على إدراك الحق، ولم يوفق له، فيكون له أجر التعب، أما أجر الإِصابة فهو محروم منه لأنه لم يصب، وأما إذا اجتهد فأصاب فإن له أجرين: الأجر الأول التعب في الاجتهاد وطلب الأدلة، والأجر الثاني: إصابة الحق. أما ثبوت الأجر على الوجه الأول فظاهر؛ لأن الإنسان عمل وتعب فهو مكتسب وقد قال الله تعالى: (لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ) [البقرة:286]، لكن حصول الأجر على الوجه الثاني وهو إصابة الحق فيه شيء من الإشكال، ولكن هذا الإِشكال يتبين بأن نقول: إن مجرد إصابة الحق فيها أجر لأن إصابة الحق إظهار له، ثم إن الغالب أنه لم يصب إلا لزيادة تحريه واجتهاده فيكون اجتهاد المصيب في الغالب أكثر من اجتهاد المخطئ، ولهذا صار له أجران).
المجتهد المستقل ليس له تقليد مجتهد آخر مع ضيق الوقت ولا سعته لا فيما يخصه ولا فيما يفتي به لكن يجوز له إذا تعارضت عنده الأدلة، ولم يظهر له وجه الترجيح بينها أن ينقل للمستفتي مذهب الأئمة كأحمد والشافعي ولا يفتي من عند نفسه بتقليد غيره، وأما المجتهد في مسألة أو في باب له أن يقلد في غير ما هو مؤهل للاجتهاد فيه.
التقليد
قال الشيخ: (التقليد لغة: وضع الشيء في العنق محيطاً به كالقلادة).
قال ابن أبي الفتح في "المطلع" (ص/206): (التقليد مصدر قلد قال الجوهري وتقليد البدنة أن يعلق في عنقها شيء ليعلم أنها هدي).
عرفه الشيخ بقوله: (إتباع من ليس قوله حجة).
اعتراضات على التعريف:
الأول - لابد من إضافة قيد: (في حكم شرعي) لإخراج حكم القاضي بشهادة الشهود،