تضمن كلام الشيخ اشتراط العلم بأصول الفقه، وبعض ما يحتاج إليه المجتهد من اللغة.
قال الطوفي في "شرح مختصر الروضة" (3/ 581): (يشترط للمجتهد أن يعرف «من النحو واللغة ما يكفيه في معرفة ما يتعلق بالكتاب والسنة من نص وظاهر، ومجمل، وحقيقة ومجاز، وعام وخاص، ومطلق ومقيد، ودليل خطاب ونحوه»، كفحوى الخطاب ولحنه ومفهومه؛ لأن بعض الأحكام يتعلق بذلك ويتوقف عليه توقفا ضروريا، كقوله - عليه السلام -: "اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر" رواه الشيعة بالنصب أبا بكر وعمر على النداء، أي: يا أبا بكر، فعلى رواية الجر هما مقتدى بهما، وعلى رواية النصب هما مقتديان بغيرهما ...
الشرط السادس:
قال الشيخ: (أن يكون عنده قدرة يتمكن بها من استنباط الأحكام من أدلتها).
والمدقق يرى أن هذا ليس شرطا وإنما هو كالثمرة، أو النتيجة لتحقق الشروط السابقة فمن تحققت فيه الشروط السابقة تكونت عنده هذه القدرة، ومن لم تتوفر فيه هذه الشروط فهو قاصر غير كامل الأهلية لاستنباط الأحكام الشرعية من أدلتها.
قال الشيخ: (والاجتهاد قد يتجزأ فيكون في باب واحد من أبواب العلم أو في مسألة من مسائله).
الشروط العامة السابقة يلزم اجتماعها في المجتهد المستقل، ولكن المجتهد في مسألة واحدة أو باب واحد لا يشترط فيه اجتماع كل هذه الشروط، بل يشترط أن يعرف منها ما يتعلق بالباب الذي سوف يجتهد فيه أو المسألة. إلا أن بعض الشروط كلية لا تقبل التجزؤ كمعرفته للغة العرب، وأصول الفقه، وكذا معرفته لما يتعلق بصحة الحديث إن قلنا أنه لا يكتفى بالتقليد فيه.
فعلى سبيل المثال من أراد أن يحصل آلة الاجتهاد في باب البيوع، فلابد وأن يتعرف على الأدلة الخاصة بهذا الباب، وما نسخ منها، ومواقع الإجماع فيه، ويكون على بصيرة في فهم اللغة، وما يحتاج إليه في المسألة من أصول الفقه فهذا تتكون له ملكة الاستنباط في هذا الباب أو هذه المسألة.
قال الشيخ: (يلزم المجتهد أن يبذل جهده في معرفة الحق ثم يحكم بما ظهر له فإن أصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد والخطأ مغفور له. وإن لم يظهر له الحكم