نظري طرفة عين فيه، ولم أره صلى فيه، أو قال أخبرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه لم يصل فيه، أو قال: اعلم أن فلانا لم يقتل زيدا، لأني رأيت زيدا حيا بعد موت فلان، أو بعد الزمن الذي أخبر الجارح أنه قتله فيه. فهذا يقبل، لاستناده إلى مدرك علمي، ويستوي هو وإثبات المثبت، فيتعارضان، ويطلب المرجح من خارج. وكذلك كل شهادة نافية استندت إلى علم بالنفي، لا إلى نفي العلم، فإنها تعارض المثبتة، لأنها تساويها، إذ هما في الحقيقة مثبتتان؛ لأن إحداهما تثبت المشهود به، والأخرى تثبت العلم بعدمه).
قال المرداوي في "التحبير" (4/ 4194): (قوله: {وناقل عن الأصل ... }. إذا تعارض حكمان أحدهما مقرر للحكم الأصلي، والآخر ناقل عن حكم الأصل. فالناقل مقدم عند الجمهور؛ لأنه يفيد حكما شرعيا ليس موجودا في الآخر).
وما ذهب إليه الجمهور أولى لأن الناقل فيه زيادة على المبقى على البراءة الأصلية بإثباته حكما شرعيا ليس موجودا في الأصل.
مثل ترجيحُ أحاديثِ تحريمِ الحُمُرِ الأهليةِ على الأحاديث التي فيها إباحتُها؛ لأن التحريمَ ناقلٌ عن حكم الأصل.
قال الطوفي في "شرح مختصر الروضة" (3/ 706): («فيرجح المجرى على عمومه على المخصوص». أي: إذا تعارض عامان أحدهما باق على عمومه، والآخر قد خص بصورة فأكثر ; رجح الباقي على عمومه على المخصوص، لأنه مختلف في بقائه حقيقة أو مجازا، وحجة، أو غير حجة، والباقي على عمومه لا خلاف في بقائه حقيقة وحجة، فكان راجحا.
قلت: وكذلك يقدم ما كان أقل تخصيصا على الأكثر تخصيصا، مثل أن يخص أحدهما بصورة، والآخر بصورتين، فالأول أرجح، لأنه أقرب إلى الأصل، وهو البقاء على العموم ومخالفة الأصل فيه أقل).
يشير الشيخ - رحمه الله - في هذه القاعدة والتالية لها إلى بعض المرجحات من ناحية السند.
قال الشيخ في "الشرح" (ص/596): (هذا في الحديث الشاذ والمحفوظ، ومرَّ علينا في المصطلح: "الشاذ" ما رواه الثقة مخالفًا لمن هو أرجح منه: عددًا أو حفظًا، فإذا كان عندنا