(أصبحوا)، فإن قلت: فكيف يتقدم ما بعد الفاء وهي جواب عليها وأنت لا تجيز: (إن تأتني زيدًا فاضرب)، قيل: هذا مع (أما) جائز وذلك إن تقدير نظم الكلام معها مخالف لظاهره، ألا ترى إلى قوله الله سبحانه: (فأما اليتيم فلا تقهر)، وذلك أن معناه: مهما يكن من شيء فلا تقهر اليتيم، فهو كلام محمول على باطن معناه دون ظاهر لفظه، والكلام في (أما) هذه، وما يتصل بها طويل دقيق.

وفيها:

فما كان عن يومين حتى تصدعوا ... لبين كما انشق الرداء المصيح

[316] يجوز أن يكون (عن) زائدة حتى كأنه قال: فما كان يومان أي قلم يمض يومان حتى تصدعوا، وقد جاءت زيادة (عن) قال [من الطويل]:

أتدفع عن نفس أتاها حملها ... فهلا التي عن بين جنبيك تدفع

إلا أنه وإن كان زاد (عن) فقد حذف أخرى قبلها ونحوه بيت الكتاب

إن الكريم وأبيك يعتمل ... إن لم يجد يوما عى من يتكل

زاد (على) وحذف (على) أي: لم يجد يوما من يتكل عليه، وعلى كال حال فقد زيدت في الموضعين (عن) و (على) جميعا، فقد يجوز أن تكون (عن) غير زائدة في البيت، ولكن على أن يكون اسم (كان) مضمرًا فيها فكأنه قال: فما كان ما نحن فيه عن مضى يومين أي بعد مضي يومين حتى كان كذا وكذا، فيكون (عن) بمعنى (بعد) كقول الله جل وعز: " لتركبن طبقا عن طبق".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015