ويُقالُ لليومِ بعدَ النَّحرِ: القرُّ، لإنَ النَّاسَ يستقرُّونَ فيهِ بمنىً، ويومُ النَّفرِ اليومُ الَّذِي بعدهُ، لأنَّهُمْ ينفرونَ فيهِ.
والأيَّامُ المعلوماتُ عشرُ ذي الحجةِ. والأيَّامُ المعدوداتُ أيَّامُ التَّشريقِ، وسمَّيتْ بذلكَ لأنَ اللَّحمَ يشرَّقُ فيها.
والشَّهرُ معروفٌ. وسمِّيَ شهراً لشهرتهِ.
أخبرنا أبو أحمدَ، عنْ أبي عُمرَ، عنْ ثعلبٍ، قالَ: كانَ المحرَّمُ عنْدهمْ شهراً حراماً، لا يغيرونَ فيهِ. وكانَ صفرُ شهرَ جدبٍ، تصفرُ فيهِ المياهِ، ويرتحلونَ فيهِ إِلَى الميرةِ. وتلكَ الميرةُ تسمَّى الصَّفريَّةَ. فيمنعهمْ ذلكَ عنِ الغارةِ. وكانَ شهرا ربيعٍ شهريْ خصبٍ، يرعونَ فيهما، ولا يحتاجونَ إِلَى الغارةِ. وجمادىَ وجمادى شهريْ قرٌّ، تجمدُ فيهما المياهُ. وكانَ رجبٌ يعظَّمُ. يُقالُ: رجَّبتُ الرَّجلَ، إِذَا عظَّمتهُ. ورجلٌ رجيبٌ. ولا يرونَ الغارةَ فيهِ. وكانَ شعبانُ شهراً تتشعَّبُ فيهِ القبائلُ، لقصدِ الملوكِ، والتماسِ العطيَّةِ، ورمضانُ شهرَ حرٍّ، ترمضُ فيهِ الإبلُ، فلا يقدرونَ على المسيرِ، وكانَ ذلكَ عندَ تسميةِ الشُّهورِ. ثمَّ تختلفُ أوقاتُها لأنَّها قمريَّةٌ، وذو القِعْدةِ شهراً حراماً، يقعدونَ فِي بيوتهمْ فيهِ، وذو الحجَّةِ شهراً حراماً يتشاغلونَ فيهِ بالحجِّ، وكانَ شوَّالٌ شهرَ الغارةِ. وأنشدَ قولَ أوسٍ:
أأبا دُليجةَ، منْ لحيًّ مفردٍ ... فزِعٍ منَ الأعداءِ فِي شوَّالِ