قالَ الشَّيخُ أبُو هلالٍ، رحمهُ اللهُ: ولا يلزمُ ذلكَ فِي الاشتقاقِ. أَلاَّ ترى أنَّ الخلوقَ سُمِّيَ خلوقاً، لأنَّه أجزاءٌ منَ الطِّيبِ جمعتْ على تقديرِ. وذلكَ أنَّ أصلَ الخلقِ التَّقديرُ. ولا يجوزُ أنْ يسمَّى كلُّ ما جمعَ أجزاؤهُ على تقديرٍ خلوقاً. وكذلكَ الكرَّاسةُ سمِّيتْ بذلكَ لتكرُّسِ بعضها على بعضٍ. ولا يسمَّى كلِّ ما يكرَّسُ بعضهُ على بعضٍ كرَّاسةً. وسمِّيَ البحرُ بحْراً لسعتهِ. ولا يسمَّى البرُّ بحْراً لأنَّهُ واسعٌ. وهذا سبيلُ جميعِ الاشتقاقاتِ.
وفي القرآنِ {قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ} قَالُوا: هيَ قواريرُ فِي لونِ الفضَّةِ. كما تقولُ: هَذَا زجاجٌ منْ نورٍ، إِذَا بالغتَ فِي وصفهِ بالإضاءةِ. ويُقالُ للقلتِ الَّذِي فِي أسفلِ القارورةٍ: الحوجلةُ، والجمعُ حواجلُ. ورُبَّمَا سميتِ القارورةُ نفسها الحوجلةَ، والجمعُ حواجلُ. وسطامُ القارورةِ وصمامُها سواءٌ. ويُقالُ لغلافِها السَّوجلةُ.
وهوَ الزُّجاجُ، والواحدةُ زجاجةٌ. ويُقالُ للزُّجاجِ النُّهاءُ. ويسمَّى القدحُ زجاجةً. قالَ حسَّانُ:
بزجاجةٍ رقصَتْ بما فِي قعرِها ... رقصَ القلوصِ براكبٍ مستعجلِ