وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِك لِأَن النّسخ هُوَ رفع الحكم بعد ثُبُوته على الْحَد الَّذِي رسمناه فِي حَقِيقَة النّسخ، وَقد تحقق ذَلِك فِي مَسْأَلَتنَا، فان الَّذِي رفع لَا شكّ فِي تحقق النّسخ فِيهِ، وَالَّذِي لم يرفع صورته فقد رفع حكمه، فَإِن مَا كَانَ فَاسِدا خَارِجا عَن قَضِيَّة الْعِبَادَات وَهُوَ الْبَعْض اَوْ الْعِبَادَة دون الشَّرْط، فقد ثَبت أَنه جَائِز بعد أَن لم يكن جَائِزا فَهَذَا هُوَ النّسخ بِعَيْنِه، وَهُوَ أَن يثبت جَوَاز مَا كَانَ لَا يجوز، أَو عدم جَوَاز مَا كَانَ يجوز، وَلَا مُعْتَبر بِنَفْي بعض من الصُّورَة، فَإِنَّمَا الْمُعْتَبر بِالْأَحْكَامِ فِي تَحْقِيق النّسخ. وَالَّذِي يُوضح ذَلِك أَن الْفِعْل وَالْوَاحد قد يثبت وُجُوبه شرعا ثمَّ يثبت كَونه مَنْدُوبًا وارتفاع وُجُوبه، وَيكون بِهِ نسخا فِي الْحَالَتَيْنِ إِن بَقِي الْفِعْل م فيهمَا، فَهَذِهِ الطَّرِيقَة الَّتِي [145 / أ] طردناها، فَبَطل الْفَصْل بَين الْمُنْفَصِل والمتصل، وَهُوَ بَين عِنْد التَّأَمُّل.
[1315] فَإِن قَالَ قَائِل: إِذا كَانَت الصَّلَاة أَرْبعا فَردَّتْ إِلَى رَكْعَتَيْنِ فهاتان الركعتان كَانَتَا ثابتتين مَعَ أخرتين وبقيتا ثابتين فَلَا معنى للنسخ فيهمَا، وأوضحوا ذَلِك فِي الشَّرْط الْمُنْفَصِل أَيْضا فَقَالُوا إِذا كَانَت الصَّلَاة مَشْرُوطَة بِالطَّهَارَةِ وهما فعلان متغيران وعبادتان متغايران والنسخ فِي