الَّذِي ذكرتموه من قبيل النُّقْصَان فَإِن الْآيَة على زعمكم اقْتَضَت اجزاء كل رَقَبَة عُمُوما، مُؤمنَة كَانَت أَو كَافِرَة، فَإِذا قيل: لَا تجزي إِلَّا المؤمنة، فَهَذَا تنقيص لمقْتَضى الْخطاب.
[1276] فَإِن قيل: فَهَل تَقولُونَ إِن ذَلِك نسخ؟
قُلْنَا: لَو ثَبت قطعا أَولا أَن كل رَقَبَة تُجزئ، ثمَّ ثَبت بعد ذَلِك انه لَا تُجزئ إِلَّا رَقَبَة مُؤمنَة، كَانَ ذَلِك نسخا الا شكّ فِيهِ، فَأَما إِذا كَانَت الْآيَة [141 / أ] مُحْتَملَة مترددة، وَلم / يثبت عُمُوم قطعان فَلَا يكون ذَلِك من قبيل النّسخ، ثمَّ نقُول إِنَّمَا يَسْتَقِيم ادِّعَاء النّسخ لَو سلم لكم خصمكم أَن ثُبُوت الْإِيمَان مُتَأَخّر عَن وجوب الْآيَة، فَأَما وَهُوَ يَقُول مَا ثبتَتْ الرَّقَبَة أصلا إِلَّا وَالْإِيمَان مَشْرُوط فِيهَا، فَلَا يتَحَقَّق مَعَ ذَلِك نسخ. وَمن هَذَا الْقَبِيل ادعاؤهم كَون التَّغْرِيب نسخا فِي حد الزِّنَا فَإِن التَّغْرِيب لَا يتَضَمَّن نفي الْجلد.
[1277] فَإِن قيل: فقد ثَبت جَوَاز الِاقْتِصَار على مائَة جلدَة، وتقرر أَنه الْحَد الْكَامِل فَإِذا زيد التَّغْرِيب كَانَ ذَلِك رفعا للْحكم السَّابِق الثَّابِت.
قُلْنَا: لَيْسَ فِي الْآيَة إِلَّا إِثْبَات الْجلد فَأَما الْمصير إِلَى جَوَاز الِاقْتِصَار عَلَيْهِ فَهُوَ دَعْوَى لَا يسوغ إِثْبَاتهَا إِلَّا بَان تدعوا أتخنصيص الْجلد بِالذكر يدل على نفي مَا عداهُ، وَهَذَا من قبيل مَفْهُوم الْخطاب وَقد اتفقنا على ترك القَوْل بِهِ.