فِي الْمَسْأَلَة عصمَة يتمسكون بهَا إِلَّا مَا يَهْتَدُونَ بِهِ من الْمصَالح فَيَقُولُونَ لَيْسَ من مصَالح الْعباد تَعْظِيم الْمَشَقَّة عَلَيْهِم، بل الْأَصْلَح لِعِبَادِهِ فِي بعض الزَّمَان تَكْلِيف الأشق، على أَن مَا قَالُوهُ يتَوَجَّه عَلَيْكُم فِي بَدْء الشَّرِيعَة فَيُقَال لَهُم: كَانَ يجوز ان يقدر أخف مِنْهَا فَمَا بالها وَقعت شاقة. وَرُبمَا يستدلون بظواهر من الْكتاب، مِنْهَا قَوْله تَعَالَى: {يُرِيد الله بكم الْيُسْر وَلَا يرد بكم الْعسر} .
فَيُقَال ورد هَذَا فِي مُخَاطبَة المرضى من الْمُسلمين لما خفف الصّيام عَنْهُم، على أَن المُرَاد بِالْآيَةِ يُرِيد الله بكم مَا ستنالون من الْيُسْر فِي العقبى وَلَا يُرِيد مُجَردا عتابكم فِي الدُّنْيَا. وعَلى هَذَا الْوَجْه يستدلون بظواهر وَوجه الْجَواب مَا قدمنَا.
[1233] وَمِنْهُم من يَقُول: يجوز النّسخ بالأشق عقلا وَيمْتَنع سمعا لهَذِهِ الْآيَات. ثمَّ نقُول: وَكم من حكم ينْسَخ بأشق مِنْهُ، وَهَذَا كَمَا أَن الصُّلْح [136 / ب] عَن الْكفَّار نسخ بمقاتلتهم / وبذل المهج وَالْأَمْوَال فِي مجاهدتهم، وَجَوَاز ترك الصَّوْم من غير عذر بِشَرْط الْفِدْيَة، وَنسخ حليل الختمر، وَهَذَا شَأْن كل تَحْرِيم يعقب تحليلا فَبَطل مَا قَالُوهُ عقلا وسمعا.