لم يكن فِي إِيجَاب الْأَخْذ على الرَّسُول [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] إِيجَاب الْإِعْطَاء على أَرْبَاب الْأَمْوَال.
[493] وَقد ذهب شرذمة من الْفُقَهَاء إِلَى أَنا بِمُقْتَضى الْأَمر نَعْرِف وجوب الْإِعْطَاء على أَرْبَاب الْأَمْوَال وَهَذَا سَاقِط من الْكَلَام فَإِن الْأَمر بِالْأَخْذِ يجوز تَقْدِير ثُبُوته مَعَ نهي الْمُعْطِي عَن الْإِعْطَاء، وَلَا يلْزم من ذَلِك تنَافِي وتناقض، وَلذَلِك أَمْثِلَة فِي الشَّرِيعَة، مِنْهَا: أَن الزَّوْج إِذا بدر مِنْهُ مَا يعْتَقد أَنه لَا يبت النِّكَاح فَلهُ الْإِقْدَام على الوطئ، وَإِذا كَانَت الْمَرْأَة تعتقد ابتتات النِّكَاح فلهَا الْمَنْع، وَالشُّهُود إِذا تحملوا الشَّهَادَة فَعَلَيْهِم أَدَاؤُهَا، فَإِذا اعْتقد القَاضِي رد شَهَادَتهم فَعَلَيهِ مُخَالفَة شَهَادَتهم، وَإِذا اعْتقد أَبُو الطِّفْل ثُبُوت حق لطفله فِي مَال طِفْل آخر فَعَلَيهِ الطّلب، وعَلى أبي الطِّفْل الآخر الْمَنْع، وَلَيْسَ ذَلِك من المتناقضات.
[494] فَإِن قيل: فَبِمَ عَرَفْتُمْ وجوب امْتِثَال الْأَمر فِي الصُّورَة الَّتِي قدمتموها؟ .
قيل: لِأَنَّهُ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] إِذا أَمر بِالْأَخْذِ على الْإِيجَاب فيطلب بِمَا أَمر بِأَخْذِهِ فَأمره متحتم وَقد أَجمعت الْأمة على وجوب الْإِعْطَاء عِنْد وجوب الْأَخْذ عَلَيْهِ [59 / أ] السَّلَام فتبينا بذلك الْإِجْمَاع وَغَيره، وَلم نتبينه بِنَفس / الْأَمر المتوجه بِالْأَخْذِ عَلَيْهِ [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] .