قُلْنَا: فَفِي هَذَا تنازعنا. فَلم قُلْتُمْ إِنَّه علم بعقله؟ على أَنه يلزمكم أَلا تحققوا الْإِبَاحَة فِي حق من " لم " تخطر لَهُ دلَالَة / الْإِبَاحَة من عقله.
1980 - وَمَا نعول عَلَيْهِ فِي الْمَسْأَلَة أَن نقُول: " قد ثَبت " من أصلكم أَنه لَا يقطع بِإِبَاحَة الشَّيْء إِلَّا عِنْد الْقطع بِانْتِفَاء الضَّرَر عَاجلا وآجلا فِي الْإِقْدَام عَلَيْهِ. فَإِذا وضح ذَلِك فَمَا يؤمنكم أَن الَّذِي يقدم عَلَيْهِ الْمَرْء قبل اسْتِقْرَار الشَّرَائِع يضرّهُ فِي مآله. والمصلحة فِي دينه الْكَفّ عَنهُ.
فَعِنْدَ ذَلِك حارت عُقُولهمْ وَتَفَرَّقَتْ آراؤهم.
1981 - فَذهب معظمهم إِلَى أَنا عرفنَا ذَلِك بِعَدَمِ نصب الْأَدِلَّة على الْحَظْر وَإِيجَاب اجْتِنَاب المضار، فَلَمَّا لم ينصب الرب تَعَالَى - على مَا فِيهِ نزاعنا - " دَلِيل " التَّحْرِيم، دلّ على التَّحْلِيل.
قيل: فَبِمَ تنكرون على من يعكس عَلَيْكُم مقالكم، فَيَقُول: الْأَحْكَام على الْحَظْر إِذْ لَو كَانَت على الْإِبَاحَة " لنصبت " عَلَيْهَا دلَالَة دَالَّة على الْإِبَاحَة. فَعدم دلَالَة الْإِبَاحَة دَلِيل الْحَظْر. فَهَذَا مَا لَا يَجدونَ عَنهُ مخلصا.
1982 - وَمِمَّا نستدل بِهِ عَلَيْهِم - من أصولهم - أَن نقُول: من أصلكم أَن التَّعَرُّض لملك الْغَيْر من غير إِذْنه، " مِمَّا " يدْرك تَحْرِيمه عقلا.