وأما "قرأت" على فلان، أو "قرىء"على فلان، وأنا أسمع، فأقرّ به فهما الأصل في أداء ما تحمله المحدث بالقراءة على الشيخ، الأولى فيما قرأه بنفسه، والثانية فيما قرأ غيره وهو يسمع، ويليهما "أخبرنا" قراءة، و"حدثنا" قراءة.
وأما "حدثنا" فلان إجازة، و"أخبرنا" إجازة، أو "أخبرنا" إذناً، أو في إذنه، أو فيما أطلق لي روايته عنه، أو "أنبأنا" إجازة، فكل هذا خاص بالإجازة؛ كأجازني، وأجاز لي.
وأما "حدثنا" مناولة، أو "أخبرنا" أو "ناولني" فهو خاص بالمناولة.
وأما "أخبرنا" مشافهة أو "أخبرنا" مكاتبة، أو فيما كتب إليّ، أو في كتابته، فقد خصه قوم بالإجازة إذا كان قد أجاز بخطه، فهذا وإن تعارفه في ذلك طائفة من المحدثين المتأخرين، فلا يخلو عن طرف من التدليس؛ لما فيه من الاشتراك والاشتباه بما إذا كتب إليه ذلك الحديث بعينه، ومنع منه -لذلك- أبو المظفر الهمداني.
ولكن بعد أن صار اصطلاحاً عرى من ذلك، فلا منع.
وأما "كتب إليّ فلان" فهذا خاص بالمكاتبة، وعليه "أخبرني" به مكاتبة، أو في كتابه، أو نحو ذلك من العبارات.
وأما "وجدت" بخط فلان، أو "قرأت" بخط فلان، أو في كتاب فلان -فهذا وما أشبهه هو الذي استمر عليه العمل قديماً وحديثاً فيما تحمل بطريق الوجادة فيما إذا وثق بأنه خطه.
وأما "بلغني عن فلان" أو "وجدت عن فلان" وما أشبهه -فهو فيما إذا يثق بأنه خطه أو كتابه.
هذه هي ألفاظ الأداء، ويمكنك أن تعلم مما تقدم أنها على مراتب في كل نوع من أنواع التحمل الذي يجوز استعمالها فيه.
ما ينبغي أن يفعله الراوي عند الأداء:
جرت العادة أن يحذف كتاب الحديث لفظة "قال" أو "قيل له: أخبرك فلان"، ولفظة "أنه" أو "أنه قال"، ينبغي في كل هذا أن يأتي بها المؤدي لفظاً، وإن حذفت خطأ.
واختلفوا فيما إذا لم يأت بها، هل يبطل السماع؟
قال النووي: تركها خطأ، والظاهر صحة السماع.
وتأتي "قال" تفسيراً لكلمة "حدثنا" و"أخبرنا"، فإذا قال: "حدثنا فلان حدثنا فلان" تقول أنت بعد حدثنا الأولى: "قال: حدثنا"، وكذلك "خبرنا"، وكذلك "أنبأنا".
وتأتي "قيل له: أخبرك فلان" فيما إذا كان في أثناء الإسناد: "قرىء على فلان: أخبرك فلان" فالمؤدي يقول: قرىء على فلان: قيل له: أخبرك فلان".