ثم الصلاة على النبي وصحبه ... وعلى جميع التابعين أوامره
يا درة فقدت وكانت فاخره ... في بدء خير حولت للآخره
من كل علم حاز أكبر فره ... عز الفخار تصل بحارا زاخره
شطن الرجا كانت لطالب بره ... من بعد أشجان بفضل ماخره
تعنو الرءُوس إلى وجوه بديعه ... وإذا عصته أتت إليه ذاخره
وهو المكرم والكريم بناته ... مع علمه لو أم كعبا فاخره
ليلى بعاذرها فشاغل قلبها ... ولمن سواه بذي الدعاوى شاجره
تجري عليه مودعا روحي ولن ... تشغل ولو صارت عظاما ناخره
قد كان أول شاغل قلبي هوى ... وبهونه فالصبر عدى آخره
[من الطويل] :
شهاب المعالي بينما هو طالع ... فعاجلنا فيه القضا والقوارع
إلى الله إنا راجعون وحسبنا ... ونعم الوكيل الله فيما نواقع
فقد أورت الآفاق حزنا وذلة ... وأظلمت الأكوان ثم المطالع
وأطلق دمع العين تجري سحائبا ... وأجرى عيون السحب فهي هوامع
وصير طرفي لا يمل من البكا ... وأحرق قلبا بالجوانح هالع
وفرق جمع الشمل من بعد إلفه ... وألف در الجمع في الخد لامع
فوجدي وصبري في الرثاء بيانيا ... فوجدي موجود وصبري ضائع
فصبرا لما قد كان في سابق القضا ... فليس لمقدور المنية دافع
وطلقت نومي والتلذذ والهنا ... وألزمت نفسي أنني لا أراجع
وصاحب سهدي والتأسف والأسى ... فواصلتها لما جفتني المضاجع
وإني غريب لو أقمت بمنزلي ... وإني وحيد لا معين أراجع
فلهفي على شيخ الحديث وعصره ... فمجلسه للعلم والفضل جامع
فلهفي على تلك المجالس بعده ... لفقد أولي التحقيق قفر بلاقع
فلهفي على جدي وشيخي وقدوتي ... وشيخ شيوخ العصر إذ لا منازع
فأوقاته مقسومة في عبادة ... وفضل لمحتاج ببر يتابع
فقد كان ظني أن تكون معاوني ... على كل خير مثل ما قيل مانع
فعند إلهي قد جعلت وديعتي ... كريم لديه لا يخيب الودائع
فرحب الفضا قد ضاق من بعد بعده ... علي وفيه بحر فكري واسع
فيا موت، زر إن الحياة ذميمة ... فمن بعد هذا الحبر إني راجع
إمام الهدى والعلم والحلم والتقى ... وحافظ هذا الوقت للحق خاضع