قَضِيَّة وَنَصّ تَقْدِيم ابْن أبي جَمْرَة للشورى عَن أبي جَعْفَر هَذَا كتاب تنويه وترفيع وأنهاض إِلَى مرقى رفيع أَمر بكتبه الْأَمِير النَّاصِر للدّين أَبُو جَعْفَر بن أبي جَعْفَر أدام الله تأييده وَنَصره للوزير الْفَقِيه الْأَجَل المشاور الحسيب الْأَكْمَل أبي بَكْر بْن أبي جَمْرَة أدام الله عزة أنهضه بِهِ إِلَى الشورى ليَكُون عِنْدَمَا يقطع لأمر أَو يحكم فِي نازلة يجْرِي الحكم بهَا على مَا يصدر عَن مشورته ومذهبه لما علمه من فَضله وزكاته وجده فِي اكْتِسَاب الْعلم واقتنائه وَلكَون هَذِه الْمرتبَة لَيست طريفة لَهُ بل تليدة متوارثة عَن أسلافه الْكَرِيمَة وآبائه فليتحملها تحمل المستقل بأعبائها اللّحن بأنبائها الْعَالم بمقاصدها المتوخاة المتعهدة وأنحائها وَالله يزِيدهُ تنويها وترفيعا ويبوئه من حظوته وتمجيده مَكَانا رفيعا وَكتب فِي التَّاسِع لذِي الْحجَّة تسع وَثَلَاثِينَ وَخَمْسمِائة الثِّقَة بِاللَّه عز وَجل هَذِه عَلامَة ابْن أبي جَعْفَر وتقلد قَضَاء مرسية وبلنسية وشاطبة وأوريولة فِي مدد مُخْتَلفَة وامتحن بِأخرَة من عمره فِي امْتِنَاعه من قَضَاء مرسية نَفعه الله بذلك وَكَانَ فَقِيها حَافِظًا بَصيرًا بِمذهب مَالك عاكفا على تدريسه فصيح اللِّسَان حسن الْبَيَان عدلا فِي أَحْكَامه جزلا فِي رَأْيه عريقا فِي النباهة والوجاهة وَله تواليف مِنْهَا كتاب نتائج الْأَبْكَار ومناهج النظار فِي مَعَاني الْآثَار أَلفه بعد الثَّمَانِينَ وَخَمْسمِائة عِنْدَمَا أوقع السُّلْطَان حِينَئِذٍ بِأَهْل الرَّأْي وَأمر بإحراق الْمُدَوَّنَة وَغَيرهَا من كتبه وَكتاب إقليد التَّقْلِيد الْمُؤَدِّي إِلَى النّظر السديد وَغير ذَلِك وبرنامجه المقتضب من كتاب الْأَعْلَام بالعلماء الْأَعْلَام من بني أبي جَمْرَة والإنباء بأنباء أبي خطاب هُوَ الَّذِي وقفت عَلَيْهِ وباختلاف نسخه وجد منافسوه السَّبِيل إِلَيْهِ فأنكروا علو رِوَايَته واستبعدوا قرب إِسْنَاده وتعدوا ذَلِك إِلَى آبَائِهِ وتحديث بَعضهم عَن بعض وَأَكْثَرهم من تلاميذ أبي الْقَاسِم بن حُبَيْش وَلَعَلَّ ذَلِك للتباعد الَّذِي كَانَت بَينهمَا فِي الْحَيَاة وَإِلَّا فَهَذَا أَبُو عمر بن عياد وَله بحث وَنظر وَقَوله عِنْد من أدركناه مُعْتَبر قد روى عَنهُ وَسَماهُ فِي مشيخته على أَنه كَانَ أسن مِنْهُ ثمَّ توفّي قبله وَمَا عرض لَهُ بِمَا يريب وَلَا نحلة مَا يُنكر بل نَص فِيمَا قَرَأت بِخَط ابْنه أبي عبد الله وَهُوَ أَيْضا مِمَّن يحْتَج بِهِ فِي هَذِه الصِّنَاعَة على رِوَايَته عَن أبي عبد الله الْمَازرِيّ وَأبي بَحر الْأَسدي وَأبي الْقَاسِم بن ورد وَغَيرهم وَقَالَ مُتَّصِلا بِهَذَا لَقيته وَأَنا صَغِير مَعَ أبي بمرسية وجالسته ثمَّ لَقيته بعد ذَلِك بِزَمن وَحَضَرت مَجْلِسه وتدريسه واستجزته فأجازني جَمِيع رِوَايَته وَكتب لي بذلك بِخَط يَده فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015