{لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ}، والسياق إنما هو في معرض مسجد قباء.
ولهذا جاء في الحديث الصحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «صلاة في مسجد قباء كعمرة» [الترمذي: 324، ابن ماجه: 1411].
وفي الصحيح: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يزور مسجد قباء راكباً وماشياً [البخاري: 1191، 1193، 1194، مسلم: 1399].
وقد ورد في الحديث الصحيح أن مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي هو في جف المدينة، هو المسجد الذي أسس على التقوى. وهذا صحيح. ولا منافاة بين الآية وبين هذا، لأنه إذا كان مسجد قباء قد أسس على التقوى من أول يوم، فمسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بطريق الأولى والأحرى.
ولهذا قال الإمام أحمد بن حنبل في مسنده: حدثنا أبو نعيم، حدثنا عبد الله ابن عامر الأسلمي، عن عمران بن أبي أنس، عن سهل بن سعد، عن أبيّ بن كعب: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «المسجد الذي أسس على التقوى مسجدي هذا». تفرد به أحمد [مسند أحمد: 21107، صحح متنه محقق ابن كثير: 5/ 444].
وقال الإمام أحمد: حدثنا وكيع، حدثنا ربيعة بن عثمان التيمي، عن عمران بن أبي أنس، عن سهل بن سعد الساعدي قال: اختلف رجلان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المسجد الذي أسس على التقوى، فقال أحدهما: هو مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وقال الآخر: هو مسجد قباء. فأتينا النبي - صلى الله عليه وسلم - فسألاه، فقال: «هو مسجدي هذا». تفرد به أحمد أيضاً [قال محقق ابن كثير: أخرجه أحمد [22805] وابن أبي شيبة [في مصنفه: 2/ 370، 372] والطبري [في تفسيره: 11/ 28] والطبراني [في الكبير: 6025]. وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: رجال أحمد والطبراني رجال الصحيح. ابن كثير: 5/ 445].