إذا حلت التقوى في قلوبنا، اطمأن القلب، وانشرح الصدر، وقد تضعف التقوى في القلوب، وقد تقوى حتى تكون كالجبال الشمِّ الراسيات، ويكون ضوؤها كالشمس، وأعظم التقوى أن نتقي الله عز وجل حقَّ تقاته {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]، أي: اتقوه على نحو ما أمركم به ونهاكم عنه، والذين يتقون الله حقَّ تقاته قليل، قال ابن عباس في تفسير الآية: "أطيعوا الله حقَّ طاعته" وبيّن مجاهد كيف يتَّقى الله حقَّ التقوى، فقال: "هو أن يطاع، ولا يعصى، وأن يذكر فلا ينسى، وأن يشكر، فلا يكفر" [بصائر ذوي التمييز: 5/ 257].
وسأورد أربعاً مما دلنا عليه الكتاب والسنّة لغرس التقوى في القلوب.
أنزل الله تبارك وتعالى هذا القرآن العظيم، فإذا فقهه الناس وعلموه، أنشأ التقوى في قلوبهم {وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * قُرآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} [الزمر: 17 - 18].
وقد جعل الله القرآن كتاب هداية {هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ} [البقرة: 2] ومع أن القرآن كتاب هداية للناس جميعاً، إلا أن الذين ينتفعون به هم المتقون دون سواهم. ولولا الكتب المنزلة لما عرف الناس كيف يتقون ربهم، قال تعالى بعد أن بيَّن الأحكام التي تتعلق بالصيام: {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ