النظر إليه، وتوّجني بهذا التاج، وقال لي: يا أحمد، هذا تاج الوقار توّجتك به كما قلت: القرآن كلامي غير مخلوق.
وعن أبي يوسف بن لحيان قال: لما مات أحمد بن حنبل رأى رجل في منامه كأن على كل قبر قنديلاً فقال: ما هذا؟ فقيل له: أما علمت أنه نوّر لأهل القبور قبورهم بنزول هذا الرجل بين أظهرهم، قد كان فيهم من يعذَّب فرحم.
وعن أبي علي بن البناء قال: لما ماتت أم القطيعي دفنها في جوار أحمد بن حنبل، فرآها بعد ليال، فقال: ما فعل الله بك؟ فقالت: يا بني رضي الله عنك، فلقد دفنتني في جوار رجل تنزل على قبره في كل ليلةٍ - أو قال في كل ليلة جمعةٍ - رحمةٌ، تعمّ جميع أهل المقبرة، وأنا منهم [صفة الصفوة: 2/ 336 - 359].
تقديم:
سعيد بن جبير الداعية الذي وقف في وجه الظلم والطغيان، وسلّ سيفه لحرب الحجاج، وعندما ظفر به الحجاج وأراد قتله، وقف في وجهه وقوف الجبال الصمّ الراسيات، لم تلن قناته، ولم ترتخ مفاصله، وأحسن جواب الحجاج، وحاوره فخصمه وأفحمه، أراد الحجاج الطاغية غلبته وإذلاله، فباح لسانه بقول فصيح، وحجَّة غالبة، وأقدم على الموت إقدام الذي لا يبالي به، فامتلأ الحجاج غيظاً، ولم يجد أمامه إلا أن يقتله، وكان ذلك ما كان سعيد يؤمله، ولم يبق الحجاج بعده إلا أياماً، ثم أخذه الله أخذ عزيز مقتدر، وأخذه الله إليه مذموماً مغلوباً مدحوراً، وقد أحسّ الحجاج بأنه غلب، فكان لا يهدأ باله، ولا تستقر أحواله ويكثر من قول: ما لي ولسعيد بن جبير، ويوم القيامة تجتمع الخصوم، فيحكم بينهم العزيز العليم.