وحكم في ختام الآية أن الذين يقيمون هذه الأعمال هم الصادقون الداخلون في المتقين.
والموضع الثالث الذي تحدث فيه ربنا عن المتقين في سورة آل عمران، فقد أمرنا ربُّنا تبارك وتعالى في ذلك الموضع بأن نسارع إلى مغفرة من ربنا، وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّنْ رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} [آل عمران: 133]، ثم عرَّفنا بالمتقين ببيان الأعمال التي يقومون بها، فقال تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران 134 - 135].
وذكر الله تعالى في هذه الآيات أن أعمال المتقين أربعة، الأول: إنفاقهم المال في السراء والضراء، وهذا عمل مالي من أعمال الظاهر، والثاني والثالث عملان أخلاقيان، وهما كظم الغيب والعفو عن الناس، الرابع: أنهم إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم استغفروا لذنوبهم.
ويظهر من هذا العرض الذي قدمناه أنا التقوى شاملة لمخافة الله التي تدفع صاحبها للقيام بكل الأعمال الصالحة التي أمر الله تبارك وتعالى بها، وترك الأعمال السيئة التي نهى الله عنها.