وَالْكَفَّارَةِ (وَإِذَا صَدَرَ الشَّرْطُ الْمُعَلَّقُ صَارَ) الْمُعَلَّقُ نَفْسُهُ (عِلَّةً حَقِيقِيَّةً) لِلْوُقُوعِ لِتَأْثِيرِهِ فِيهِ مَعَ الْإِضَافَةِ إلَيْهِ وَإِيصَالِهِ بِهِ كَالْبَيْعِ لِلْمِلْكِ (بِخِلَافِ السَّبَبِ فِي مَعْنَى الْعِلَّةِ) فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ وَإِنْ وُجِدَ الْحُكْمُ (لِأَنَّهُ) أَيْ السَّبَبَ فِي مَعْنَى الْعِلَّةِ (لَمْ يُؤَثِّرْ فِي الْمُسَبَّبِ) الَّذِي هُوَ الْحُكْمُ (وَإِنْ أَثَّرَ فِي عِلَّتِهِ) أَيْ الْحُكْمِ كَمَا عَلِمْت فِي سَوْقِ الدَّابَّةِ إذَا وَطِئَتْ إنْسَانًا فَقَتَلَتْهُ (فَلَمْ تَنْتَفِ حَقِيقَةُ السَّبَبِيَّةِ) فِي السَّبَبِ بِمَعْنَى الْعِلَّةِ (بِوُجُودِ التَّأْثِيرِ) أَيْ تَأْثِيرِهِ فِي الْعِلَّةِ بِخِلَافِ الْمُعَلَّقِ الَّذِي هُوَ سَبَبٌ مَجَازِيٌّ فَإِنَّ حَقِيقَةَ السَّبَبِيَّةِ انْتَفَتْ فِيهِ بِتَأْثِيرِهِ فِي الْحُكْمِ فَمِنْ ثَمَّةَ لَمْ يُجْعَلْ مِنْ السَّبَبِ فِي مَعْنَى الْعِلَّةِ وَلَا السَّبَبُ بِمَعْنَى الْعِلَّةِ سَبَبًا مَجَازًا وَإِنَّمَا خَصَّ الْمُصَنِّفُ الْمُعَلَّقَ بِهَذَا الْحُكْمِ لِأَنَّ الْيَمِينَ لَا يَصِيرُ عِلَّةَ الْكَفَّارَةِ عِنْدَ الْحِنْثِ لِمَا ذَكَرْنَا آنِفًا وَإِنَّمَا عِلَّتُهَا الْحِنْثُ لِأَنَّهُ الْمُؤَثِّرُ فِيهَا.

هَذَا وَتَقْيِيدُ النَّذْرِ الْمُعَلَّقِ بِشَرْطٍ بِكَوْنِهِ شَرْطًا لَا يُرِيدُ كَوْنَهُ وَقَعَ فِي الْمَنَارِ وَغَيْرِهِ وَلَفْظُ الْبَزْدَوِيِّ وَمِثْلُ الْمُنْذَرِ الْمُعَلَّقِ بِدُخُولِ الدَّارِ وَسَائِرِ الشُّرُوطِ انْتَهَى فَقَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الشَّارِحِينَ إنَّمَا ذَكَرَ هَذَا إذْ قَدْ يُتَوَهَّمُ أَنَّ الْمُعَلَّقَ بِشَرْطٍ يُرِيدُ كَوْنَهُ سَبَبًا لِلْحَالِ إذْ الْغَرَضُ مِنْ هَذَا التَّعْلِيقِ حُصُولُ الشَّرْطِ فَكَانَ مُفْضِيًا إلَى وُجُودِ الشَّرْطِ بِخِلَافِ التَّعْلِيقِ بِشَرْطٍ لَا يُرِيدُ كَوْنَهُ سَبَبًا فَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ " الْمُعَلَّقُ بِدُخُولِ الدَّارِ وَسَائِرِ الشُّرُوطِ " إلَى أَنَّ الْوَجْهَيْنِ سَوَاءٌ فِي عَدَمِ السَّبَبِيَّةِ لِلْحَالِ لِأَنَّ قَوْلَهُ لِلَّهِ عَلَيَّ لَمَّا تَعَلَّقَ بِالشَّرْطِ فِي الْوَجْهَيْنِ لَمْ يَصِلْ إلَى ذِمَّتِهِ وَالتَّصَرُّفُ فِي غَيْرِ مَحِلِّهِ لَا يَنْعَقِدُ سَبَبًا فَكَانَ تَسْمِيَتُهُ سَبَبًا مَجَازًا بِاعْتِبَارِ الصَّيْرُورَةِ لَا الْمَعْنَى كَبَيْعِ الْحُرِّ كَذَا فِي التَّقْوِيمِ وَهُوَ حَسَنٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

(ثُمَّ لِلْمُعَلَّقِ) الَّذِي هُوَ السَّبَبُ (الْمَجَازِ شَبَهُ الْعِلَّةِ الْحَقِيقَةِ) مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ (عِنْدَهُمْ) أَيْ الْحَنَفِيَّةِ (خِلَافًا لِزُفَرَ) فَإِنَّهُ عِنْدَهُ مَجَازٌ مَحْضٌ خَالٍ مِنْ هَذَا الشَّبَهِ (وَثَمَرَتُهُ) أَيْ الْخِلَافِ تَظْهَرُ (فِي تَنْجِيزِ الثَّلَاثِ) بَعْدَ تَعْلِيقِ بَعْضِهَا أَوْ جَمِيعِهَا عَلَى شَرْطٍ لَمْ يُوجَدْ بَعْدُ (يُبْطِلُ) تَنْجِيزُهَا (التَّعْلِيقَ عِنْدَهُمْ خِلَافًا لَهُ) حَتَّى لَوْ عَادَتْ إلَيْهِ بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ وَوُجِدَ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ لَا يَقَعُ الْمُعَلَّقُ عِنْدَهُمْ وَيَقَعُ عِنْدَهُ.

(وَهِيَ) أَيْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَسْأَلَةٌ (طَوِيلَةٌ فِي فِقْهِهِمْ وَالْمَبْنَى) فِي إبْطَالِهِ التَّعْلِيقَ وَعَدَمِ إبْطَالِهِ (الِاحْتِيَاجُ) أَيْ احْتِيَاجُ الْمُعَلَّقِ فِي الْبَقَاءِ (إلَى بَقَاءِ الْمَحَلِّ) لِتَنْجِيزِهِ عِنْدَهُمْ (لِلشُّبْهَةِ) أَيْ لِكَوْنِ الْمُعَلَّقِ لَهُ شَبَهُ الْعِلَّةِ الْحَقِيقِيَّةِ مِنْ حَيْثُ الْحُكْمُ عِنْدَهُمْ لِأَنَّ الْيَمِينَ سَوَاءٌ كَانَتْ بِاَللَّهِ أَوْ بِغَيْرِهِ إنَّمَا شُرِعَتْ لِلْبِرِّ وَالتَّعْلِيقُ يَمِينٌ بِغَيْرِ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ مُوجَبُهُ وَهُوَ الْبِرُّ مَضْمُونًا بِالْجَزَاءِ عَلَى مَعْنَى لَوْ فَاتَ الْبِرُّ لَزِمَ الْجَزَاءُ كَمَا أَنَّ الْيَمِينَ بِاَللَّهِ مَضْمُونَةٌ بِالْكَفَّارَةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا فَاتَ الْبِرُّ لَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ تَحْقِيقًا لِمَا هُوَ الْمَقْصُودُ بِالْيَمِينِ مِنْ الْحَمْلِ أَوْ الْمَنْعِ وَإِذَا كَانَ الْبِرُّ مَضْمُونًا بِالْجَزَاءِ كَانَ لِلْجَزَاءِ شَبَهُ الثُّبُوتِ فِي الْحَالِ أَيْ قَبْلَ فَوَاتِ الْبِرِّ إذْ لِلضَّمَانِ شَبَهُ الثُّبُوتِ قَبْلَ فَوَاتِ الْمَضْمُونِ كَمَا فِي الْغَصْبِ فَإِنَّ مُوجَبَهُ رَدُّ الْعَيْنِ عَلَى الْمُخْتَارِ وَهِيَ مَضْمُونَةٌ بِالْقِيمَةِ عَلَى مَعْنَى أَنَّهُ لَوْ فَاتَ رَدُّهَا لَزِمَهُ رَدُّ مِثْلِهَا إنْ كَانَتْ مِثْلِيَّةً وَإِلَّا فَرَدُّ الْقِيمَةِ ثُمَّ لِلْقِيمَةِ حَالَ قِيَامِ الْعَيْنِ شَبَهُ الْوُجُوبِ بِدَلِيلِ أَنَّ الْغَاصِبَ إذَا أَدَّى الضَّمَانَ يَثْبُتُ الْمِلْكُ لَهُ فِي الْمَغْصُوبِ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْغَصْبِ حَتَّى جَازَ بَيْعُهُ إيَّاهُ قَبْلَ ضَمَانِهِ إذَا ضَمِنَهُ الْمَالِكُ إيَّاهُ بَعْدَ بَيْعِهِ وَإِذَا كَانَ لِلْجَزَاءِ فِي الْحَالِ شُبْهَةُ الثُّبُوتِ وَثُبُوتُ الْجَزَاءِ حَقِيقَةً لَا يُسْتَغْنَى عَنْ الْمَحَلِّ حَتَّى يَبْطُلُ بِفَوَاتِهِ فَكَذَا شُبْهَتُهُ لَا تُسْتَغْنَى عَنْ الْمَحَلِّ لِأَنَّ شُبْهَةَ الشَّيْءِ لَا تَثْبُتُ فِيمَا لَا يَثْبُتُ فِيهِ حَقِيقَةُ ذَلِكَ الشَّيْءِ إذْ الشُّبْهَةُ دَلَالَةُ الدَّلِيلِ مَعَ تَخَلُّفِ الْمَدْلُولِ وَقَطُّ لَا يَدُلُّ دَلِيلٌ عَلَى ثُبُوتِ شَيْءٍ مِنْ الْأَحْكَامِ فِي غَيْرِ مَحَلٍّ أَلَا تَرَى أَنَّ شُبْهَةَ النِّكَاحِ لَا تَثْبُتُ فِي الرِّجَالِ اتِّفَاقًا وَشُبْهَةَ الْبَيْعِ لَا تَثْبُتُ فِي الْحُرِّ لِأَنَّ حَقِيقَةَ النِّكَاحِ وَالْبَيْعِ لَا تَثْبُتُ فِيهِمَا وَقَدْ فَاتَ الْمَحَلُّ بِتَنْجِيزِ الثَّلَاثِ فَبَطَلَ التَّعْلِيقُ ضَرُورَةً (وَعَدَمُهُ) أَيْ احْتِيَاجِ الْمُعَلَّقِ فِي الْبَقَاءِ إلَى بَقَاءِ الْمَحَلِّ لِتَنْجِيزِهِ عِنْدَ زُفَرَ (لِعَدَمِهَا) أَيْ شُبْهَةِ الْعِلَّةِ الْحَقِيقِيَّةِ لِلْمُعَلَّقِ عِنْدَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُعَلَّقَ بِالشَّرْطِ قَدْ حَالَ التَّعْلِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَحَلِّهِ فَأَوْجَبَ قَطْعَ السَّبَبِ فِيهِ بِالْكُلِّيَّةِ كَالتُّرْسِ إذَا حَالَ بَيْنَ الرَّامِي وَالْمَرْمِيِّ إلَيْهِ.

وَإِذَا لَمْ يَبْقَ لَهُ جِهَةُ السَّبَبِيَّةِ بِوَجْهٍ لَا يَحْتَاجُ إلَى الْمَحَلِّ وَاحْتِمَالُ صَيْرُورَتِهِ سَبَبًا فِي الزَّمَانِ الثَّانِي لَا يُوجِبُ اشْتِرَاطَ الْمَحَلِّ فِي الْحَالِ بَلْ يَكْفِيهِ احْتِمَالُ حُدُوثِ الْمَحَلِّيَّةِ وَهُوَ قَائِمٌ لِاحْتِمَالِ عَوْدِهَا إلَيْهِ بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ وَهُوَ فِي الْحَالِ يَمِينٌ وَمَحِلُّهَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015