أَيْضًا (أَنْ تَفْسُدَ) الصَّلَاةُ (بَعْدَ رَكْعَةٍ) لِارْتِكَابِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ حِينَئِذٍ (وَهُوَ) أَيْ الْفَسَادُ بَعْدَ رَكْعَةٍ (مُنْتَفٍ عِنْدَهُمْ فَالْوَجْهُ أَنْ لَا يَصِحَّ الشُّرُوعُ لِانْتِفَاءِ فَائِدَتِهِ مِنْ الْأَدَاءِ وَالْقَضَاءِ وَلَا مُخَلِّصَ إلَّا بِجَعْلِهَا) أَيْ كَرَاهَةِ الصَّلَاةِ النَّافِلَةِ فِي الْأَوْقَاتِ الثَّلَاثَةِ الْمَكْرُوهَةِ (تَنْزِيهِيَّةً وَهُوَ) أَيْ وَجَعْلُهَا تَنْزِيهِيَّةً (مُنْتَفٍ إلَّا عِنْدَ شُذُوذٍ. أَمَّا الْبَيْعُ فَحُكْمُهُ الْمِلْكُ وَيَثْبُتُ)

الْمِلْكُ (مَعَ الْحُرْمَةِ فَيَثْبُتُ) الْبَيْعُ مَعَ النَّهْيِ (مُسْتَعْقِبًا لَهُ) أَيْ لِلْمِلْكِ حَالَ كَوْنِهِ (مَطْلُوبَ التَّفَاسُخِ رَفْعًا لِلْمَعْصِيَةِ إلَّا بِدَلِيلِ الْبُطْلَانِ وَهُوَ) أَيْ وَثُبُوتُ الْمِلْكِ مَطْلُوبَ التَّفَاسُخِ (فَسَادُ الْمُعَامَلَةِ عِنْدَهُمْ) أَيْ الْحَنَفِيَّةِ، وَقَيَّدَ بِهَا لِيُخْرِجَ الْعِبَادَةَ، فَإِنَّ فَسَادَهَا عِنْدَهُمْ وَبُطْلَانَهَا سَوَاءٌ، إنَّمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْفَسَادِ وَالْبُطْلَانِ فِي الْمُعَامَلَاتِ فَإِنَّ مُقْتَضَى النَّهْيِ هُوَ التَّحْرِيمُ، وَالْفَرْضُ أَنَّهُ لَا يُنَافِي حُكْمَهُ مِنْ الْمِلْكِ فَلَمْ يَكُنْ النَّهْيُ مَانِعًا مِنْ ثُبُوتِ حُكْمِهِ، وَهُوَ نَفْسُ الصِّحَّةِ وَمَعَ كَوْنِهِ مَطْلُوبَ التَّفَاسُخِ هُوَ الْفَسَادُ (بِخِلَافِ بَيْعِ الْمَضَامِينِ) جَمْعُ مَضْمُونٍ مِنْ ضَمِنَ الشَّيْءَ بِمَعْنَى تَضَمَّنَهُ مَا تَضَمَّنَهُ صُلْبُ الْفَحْلِ مِنْ الْوَلَدِ، فَيَقُولُ: بِعْت الْوَلَدَ الَّذِي يَحْصُلُ مِنْ هَذَا الْفَحْلِ فَإِنَّهُ (بَاطِلٌ) لِقِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى ثُبُوتِ الْبُطْلَانِ فِيهِ مَعَ النَّهْيِ عَنْهُ.

فَقَدْ أَخْرَجَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْ الْمَضَامِينِ» ، وَالدَّلِيلُ كَوْنُ النَّهْيِ عَنْهُ (لِعَدَمِ الْمَحَلِّ) أَيْ مَحَلِّيَّتِهِ الشَّرْعِيَّةِ لِلْبَيْعِ لِأَنَّ الْمَاءَ قَبْلَ أَنْ يُخْلَقَ مِنْهُ الْحَيَوَانُ لَيْسَ بِمَالٍ، وَالْحُكْمُ لَا يَثْبُتُ إلَّا فِي الْمَحَلِّ فَكَانَ بَاطِلًا بِالضَّرُورَةِ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّ حَقَّ الْعِبَادَةِ أَنْ يُقَالَ رَفْعًا لِلْمَعْصِيَةِ، وَهُوَ فَسَادُ الْمُعَامَلَةِ عِنْدَهُمْ إلَّا بِدَلِيلِ الْبُطْلَانِ كَبَيْعِ الْمَضَامِينِ إلَى آخِرِهِ، فَلْيُتَأَمَّلْ.

(أَمَّا الْأَوَّلُ) أَيْ كَوْنُ حُكْمِ الْبَيْعِ الْمِلْكَ (فَلِعَدَمِ النَّافِي) لَهُ كَمَا هُوَ الْأَصْلُ (وَوُجُودِ الْمُقْتَضِي، وَهُوَ الْوَضْعُ الشَّرْعِيُّ) لِأَنَّ الشَّرْعَ وَضَعَ الْبَيْعَ - وَهُوَ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ - لِإِثْبَاتِ الْمِلْكِ وَلَمْ يُوجَدْ مِنْهُ بَعْدَ ذَلِكَ سِوَى نَهْيِهِ عَنْهُ إذَا كَانَ بِصِفَةِ كَذَا، وَهَذَا الْقَدْرُ لَا يُوجِبُ تَخَلُّفَ مُقْتَضَى ذَلِكَ الْوَضْعِ (لِلْقَطْعِ بِأَنَّ الْقَائِلَ: لَا تَفْعَلْهُ) أَيْ: لَا تَفْعَلْ مَا جَعَلْته سَبَبًا لِكَذَا (عَلَى هَذَا الْوَجْهِ فَإِنْ فَعَلْت) ذَلِكَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (ثَبَتَ حُكْمُهُ وَعَاقَبْتُك لَمْ يُنَاقِضْ) قَوْلُهُ الثَّانِي قَوْلَهُ الْأَوَّلَ فَكَانَ إثْبَاتُ الْبُطْلَانِ وَنَفْيُ حُكْمِ التَّصَرُّفِ مِنْ مُجَرَّدِ النَّهْيِ لِوَصْفٍ لَازِمٍ قَوْلًا بِلَا دَلِيلٍ مُوجِبٍ.

(وَقَوْلُهُمْ) أَيْ الشَّافِعِيَّةِ النَّهْيُ عَنْ الْبَيْعِ (ظَاهِرٌ فِي عَدَمِ ثُبُوتِهِ) أَيْ الْمِلْكِ فِيهِ (شَرْعًا مَمْنُوعٌ) فَإِنَّ أَثَرَ النَّهْيِ لَيْسَ إلَّا فِي التَّحْرِيمِ، وَقَدْ فُرِضَ أَنَّهُ لَا يُضَادُّ حُكْمَهُ (فَيَثْبُتُ الْمِلْكُ شَرْعًا فِي بَيْعِ الرِّبَا وَالشَّرْطِ) الْمُفْسِدِ حَالَ كَوْنِهِ (مَطْلُوبَ الْفَسْخِ) رَفْعًا لِلْمَعْصِيَةِ (وَيَلْزَمُهُ الصِّحَّةُ بِإِسْقَاطِ الزِّيَادَةِ فِي الشَّرْطِ لِأَنَّهُ) أَيْ كُلًّا مِنْ الزِّيَادَةِ وَالشَّرْطِ هُوَ (الْمُفْسِدُ) وَقَدْ زَالَ إلَّا أَنَّ بُعْدَ كَوْنِ هَذَا قَوْلَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ خِلَافًا لِزُفَرِ لَيْسَ عَلَى إطْلَاقِهِ بَلْ هُوَ فِي بَعْضِ الْمُفْسِدَاتِ بِشَرْطٍ فِيهِ، وَمَحَلُّ هَذِهِ الْجُمْلَةِ كُتُبُ الْفُرُوعِ (وَأَمَّا الثَّانِي) أَيْ لُزُومُ التَّفَاسُخِ (فَلِرَفْعِ الْمَعْصِيَةِ وَيُصَرِّحُ بِثُبُوتِ الِاعْتِبَارَيْنِ) أَيْ اسْتِعْقَابِ الْحُكْمِ مَطْلُوبَ التَّفَاسُخِ مِنْ غَيْرِ الْعِبَادَاتِ () (طَلَاقُ الْحَائِضِ) الْمَدْخُولِ بِهَا فِي الْحَيْضِ (ثَبَتَ حُكْمُهُ، وَأُمِرَ بِالرَّجْعَةِ رَفْعًا) لِلْمَعْصِيَةِ (بِالْقَدْرِ الْمُمْكِنِ) فَفِي الصَّحِيحَيْنِ «عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ وَهِيَ حَائِضٌ فَذَكَرَ ذَلِكَ عُمَرُ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَغَيَّظَ فِيهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ قَالَ لِيُرَاجِعْهَا ثُمَّ يُمْسِكْهَا حَتَّى تَطْهُرَ ثُمَّ تَحِيضَ فَتَطْهُرَ فَإِنْ بَدَا لَهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا فَلْيُطَلِّقْهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا فَتِلْكَ الْعِدَّةُ كَمَا أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى» (بِخِلَافِ مَا لَا يُمْكِنُ) رَفْعُهُ (كَحِلِّ مَذْبُوحِ مِلْكِ الْغَيْرِ) فَإِنَّهُ لَا قُدْرَةَ لِلْعَبْدِ عَلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015