وجواب هذا أننا نعلم قطعًا أنه كان في ذلك ما ليس بحرام. فلما اختلط زال حكمه الالتباس.
واستدل - أيضًا - من منع تخصص العام بخبر الواحد بأنه لو جاز ذلك لجاز نسخه أو نسخ بعضه بخبر الواحد.
وجواز هذا من وجهين:
أحدهما: أنه لا فصل بين جواز الأمرين من جهة العقل والمعنى واللغةً، لأننا لا نتيقن بقاء الحكم إذا ورد خبر الواحد الذي يجوز أن يكون صدقًا برفعه، فها سيان غير أن الإجماع منع من النسخ به فمنعناه، ولا إجماع ولا غيره من الأدلة في منع التخصص به فبقى على جوازه.
والجواب الآخر أن النسخ منافاةً برفع لحكم قد تيقن ثبوته، والتخصص بيان ما لم يثبت حكمه، فافترق الأمران.
وقد زعم قوم أن جواز تخصص العام بخبر الواحد صحيح لما ذكرناه من جهة العقل غير أن السمع قد ورد بمنعه، لأن الصحابةً ردت خبر فاطمةً بنت قيس في أنه لا سكنى ولا نفقةً للمبتوتةً، لأنها قالت: لم يجعل لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سكنى ولا نفقةً? فقال عمر رضوان الله عليه: ((لا ندع كتاب ربنا بقول امرأةً لعلها نسيت أو شبه لها)). وفي خبر أخر: ((لا يدرى أصدقت أم كذبت)) يعني بكتاب الله قوله تعالى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} وذلك عام في كل مطلقةً مبتوتةً وغير مبتوتةً وخبرها يمنع من