صار وجوب العمل بخبر الواحد وإن قابله العموم معلوم، كما أن العمل بما بقي تحت اللفظ معلوم.
فإن قالوا: إنما يعلم وجوب العمل بخبر الواحد إذا لم يقابل موجبه العموم، قيل كذلك. فإنما يعلم وجوب العمل بحكم العام إذا لم يقابل بعضه الخبر الخاص، ولا جواب عن ذلك.
فصل: فإن قال قائل: فما تقولون أنتم في العلم بثبوت حكم العقل من وقف أو تحليل أو تحريم على قول من ذهب إلى ذلك مع ورود الخبر بالنقل عنه.
فإننا نقول: إن بقاء حكم العقل مع ورود الخبر مظنون، كما أن صدق الخبر مظنون. فلو تيقنا بقاء حكم العقل لقطعنا على بطلان الخبر، ولا سبيل إلى ذلك. وكذلك القول في ارتفاع يقيننا لطهارة الماء مع خبر من يجوز صدقه عن نجاسته بعد علمنا بطهارته قبل الخبر. وعدم علمنا ببقاء حكم العدة على المعتدةً مع إخبارها لنا بانقضاء عدتها وتجويزنا لصدقها في الخبر، وأمثال ذلك مما يكثر تتبعه.
ولأن مما يذول به حكم اليقين مع وجود المظنون، وتحريم أكل ما بعلم يقينًا أنه ذكي إذا اختلط بميتةً وأشكل، وتحريم نكاح الأجنبيةً المنتفي تحريم نكاحها إذا اختلطت بذات محرم وأشكل الأمر. وزوال تحليل الاستمتاع بالزوجات إذا وقع الطلاق على واحدةً منهن والتبست الحال فيمن لي منهن، وأمثال ذلك مما يترك اليقين فيه ويزول عنه بحكم الظن على أنه يمكن أن يقال في هذا أيضًا أن تحليل ذلك كان متيقنًا قبل الاختلاط والالتباس فإن اختلط لم يكن متيقنًا، بل متيقن تحريمه.