باب
القول في أن تخصص بعض العلم بالشرط والاستثناء
لا يوجب تخصيص جميعه
قد بينا فيما سلف أن الشرط والاستثناء يصح رجوعهما إلى جميع ما تقدم من الجمل, ويصح رجوعهما إلى البعض الذي يليهما وإلى ما قبله, وإن كان الكلام جملة واحدة فقد خصاها وأخرجا منها قدر ما تناولاه وإن كانا جملتين أو جملًا كثيرة وقام الدليل على أن الشرط متعلق ببعضها خص الشرط بتلك الجملة فقط, ولم يجب تخصص باقي الجمل به, وقد يجوز أن ترد الآية العامة منظومة على جمل فيكون أولها على العموم وآخرها خاص.
وقد يكون آخرها عام وأولها خاص, وذلك نحو قوله تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوَءٍ} إلى قوله: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} وقد ثبت أن ذلك شائع في بعضهم, وهن اللواتي تملك رجعتهم والتي لم تبت بثلاث, ولم تنقض عدتها, ولم يوجب ذلك أن يكون من اللائي عنين بفرض التربص ثلاثة قروء, وأن التربص والإعداد عام في كل مطلقة, والرجعة والرد مقصور على بعضهن.
ومن هذا أيضًا قوله تعالى: {وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إَلاَّ أَن يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} وقد ثبت أن العفو غير جائز من المطلقة وأنه مقصور على