قال: وظاهر اسم سارق لا ينبئ عن ذلك فكأنه قد بين بذلك إنه لم يعلق الحكم على الاسم فقط وفعل السرقة حسب, وإنما أراد سرقًا وسارقًا على صفات مخصوصة لا ينبئ الاسم عنها فيصير المستثنى منه كذلك مجملًا لا يصح التعلق به, وصار بمثابة أن يذكر شيئًا ويريد غيره وخلاف ما ينبئ الكلام عنه, وبمنزلة قوله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} و {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ} و "إلا بحقها" وأمثاله من المجمل.
وهذا الذي قاله - وفقكم الله - باطل من وجوه:
أقربها: إن الاسم يلقح من بقي تحته ومن أخرج منه, فإذا أخرج بعض من أجري عليه لكونه على صفات مخصوصة, وجب تنفيذ الحكم فيما بقي, والعلم بأنه مراد لجريان الاسم عليه, وإنما كان يجب ما قاله لو كان ما بقي بعد الاستثناء لا يلحقه الاسم, وهذا باطل باتفاق, وإنما لا ينبئ إطلاق الاسم عن إخراج منه بالصفات المخصوصة, لأن اللفظ لا ينبئ عن إخراجه, وإنما يخرجه الاستثناء والدليل.
ولذلك لو قال: اعتق رقبة لوجب تنفيذ ذلك في المؤمنة والكافرة والصغيرة والكبيرة والصحيحة والسقيمة لتناول الاسم لجميعهم, فلو قال: ولا تكون كافرة ولا سقيمة لم يجب الوقف في باقي من يقع عليه, بل إنما يعلم بالاستثناء والدليل من لم يرد بالخطاب, وفي ذلك يحتاج إلى دليل, فأما من بقي تحته فمعلوم ثبوت الحكم فيهم نحو تناول الاسم لهم.
فأما تمثيلهم اللفظ العام بعد الاستثناء منه بالمجمل ففي نهاية التخليط والبعد, وذلك أن اسم الجزية وذكر الحق لا ينبئ عن قدر الحق والجزية.