مخصوص. أو يقول: اقتلوا المشركين المستحقين للقتل منهم أو لأمم لا تستحق القتل منهم, ونحو هذا فإن هذا استثناء لأمر مجمل يجعل الخطاب مجملًا, لأننا لا نعرف من الذي استثناه وصفاته, ولا من الذي يستحق القتل منهم ممن لا يستحقه.
ولعل من يدخله تحت الخطاب هم الذي أريدوا بالاستثناء أو بعضهم, وكذلك لو قال صلوا في أوقات الليل والنهار إلا وقتًا مخصوصًا, واقطعوا السراق إلا سراقًا على صفات, وذكوا الرقة والحيوان والحبوب إلا حيوانًا ورقة وحيوانًا على أوصاف وأحكام مخصوصة لصارت هذه الاستثناءات وما جرى مجراها مجملة اللفظ العام, وهذا ما لا يعرف فيه خلافًا.
وصورة ما يعنيه الدليل المنفصل, نحو ما خص من العموم بدليل العقل, نحو قوله تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} {وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} وما خص من أحكام الشرع معينًا بإجماع وقياس وخبر واحد, وما جرى مجرى ذلك, وقد بينا فيما سلف أنه إن خص منه شيء معين فاستثناء متصل به وما يقوم مقامه كان الاسم حقيقة فيما بقي ولم يكن مجازًا.
وإن خص بمنفصل من الأدلة كان مجازًا, وأنه يصح الاستدلال بما بقي وإن كان كذلك بما يغني عن إعادته, فلا وجه إذًا لقول من قال إنه إذا خص صار مجازًا, ولذلك لم يصح الاستدلال به.
وهذا الاستدلال الذي ليس بمبين للمجمل من الخطاب لا يجوز استعماله إلا في أمر واجب على التراخي على قول من أجاز تأخير بيان العام, وهو الصحيح إن ثبت القول بالعموم, ولا يجوز عند منه ذلك ورود مثل هذا الاستثناء في الأمر إذا كان على الفور.