فصل: والذي يمنع من تكرر وجوب امتثال الفعل بتكرر الأمر به أمور:
أحدها: أن يكون امتناع تكرر مثله وتعذر تأتيه معلوما استحالته من جهة العقل.
وقد يمنع من ذلك مانع بحكم الشرع.
ويمنع منه - أيضا- أن يكون الأمر الأول عاما مستوعبا بلفظه أو بدليله.
وقد يمنع من ذلك عهد بين الآمر والمأمور في وجوب حمل المتكرر من الأوامر على أمر واحد.
ويمنع من ذلك عرف عادة.
فأما ما يتعذر تكرار مثله لامتناعه في العقل فنحو امتناع تكرر قتل المقتول وكسر المكسور وأمثال ذلك، لأنه محال وجود قتل المقتول بعد قتله لامتناع قتل المقتول. وكذلك أكل ما أكل، وما جرى مجرى ذلك، لأنه ممتنع /تأتي مثل القتل الأول في الثاني. والأمور على ما هي عليه. وإذا قال له: اقتل زيدا اقتله، واكسر الإناء اكسره. وعلم أن القتل والكسر لا يتأتى في قضية العقل ومستقر العادة إلا دفعة واحدة حمل تكرار الأمر على طريق التأكيد وجعل أمرا واحدا.
وأما ما يتعذر مثله من جهة حكم الشرع. فهو أن يقول له اعتق عبدك، ثم يقول له: اعتقه واعتقه، وطلق هذه المرأة ثلاثا وطلقها. وأمثال هذا مما قد منع الشرع من تكرار أمثاله. وجعله متعذرا، لأنه إذا أعتق مرة وطلق ثلاثا حصل العبد حرا والمرأة بائنة. وقد حكم الشرع بتعذر عتق الحر وطلاق من ليس بزوجة.
وقد يمنع من تكرار مثل الفعل بتكرر الأمر كون الأمر الأول عاما مستغرقا لجميع ما يتناوله الاسم إذا علم كونه عموما، لأنه إذا كان ذلك كذلك لم يبق منه