فصل: ويدل على هذا - أيضاً- ويوضحه اتفاقهم على تسمية من فعل ما أمر به أمراً مطلقاً مرة واحدة مطيعاً ممتثلاً بفعل المرة. وقولهم أطاع وأمتثل وفعل ما أمر به. وهذا ما لا خلاف بينهم في إطلاقه واستعماله وإيجاب اسم الطاعة والامتثال بأوائل، لفعل، فثبت بذلك أن معقول مطلقه فعل مرة واحدة.

فإن قيل: ما أنكرتم أن يكون معني قولهم أطاع وامتثل وفعل ما أمر به إذا فعل المرة الواحدة إنه فعل بعض ما أمر به دون جميعه، وما هو من الفعل فرض وقته، لأنه لا يمكن التكرار في الزمن الواحد، فلذلك يسمي ممتثلاً.

قيل لهم: هذا تأويل يجعل إطلاق قولهم امتثل أطاع وفعل ما أمر به مجازاً ولا سبيل إلى ذلك، لأن ظاهر قولهم قد فعل ما أمر به ينبئ عن فعل جميع ما كان أمر به وتناوله الأمر (فمن صرفه إلى بعض ما أمر به خالف مقتضي إطلاقهم)، ولا سبيل إلى ذلك 0

ويقال لهم أيضاً: إذا كان من فعل الفعل مرة واحدة، قيل له بعد فراغه منه وترك التشاغل بمثله قد امتثلت وأطعت وفعلت ما أمرت به، وهو عاص مفرط بترك استدامة الفعل والدخول في تركة في وقت هذا القول له وجب أن يكونوا قد قالوا في العاصي والمفرط أنه مطيع ممتثل، ولم وجب أن يقال: أنه ممتثل مطيع بفعل مرة واحدة أولي من أن يقال بل هو عاص مفرط/ بترك الاستدامة للفعل؟ وأن يوصف بالشقاق والعصيان، وهذا أولي لأنه في حال الترك لاستدامة الفعل عاص عندهم على الحقيقة، وإنما كان مطيعاً قبل ذلك هو بتسميته بما هو متلبس فيه ومستديم له من العصيان بترك التكرار أولي وأحر، وإذا اتفق على أن من هذه حاله موصوف بأنه مطيع وممتثل غير عاص ولا مخالف دل ذلك على فساد ما قالوه. ولو كان الأمر على ما ذكروه لوجب أن لا يستحق أحد اسم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015