تعالى: {جِداَرًا يُرِيدُ أَن يَنقَضَّ فَأَقَامَهُ} وقوله تعالى: {لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ} وقولهم في الرجل البليد أنه ثور وحمار, وفي الشديد أسد وضرغام, وأمثال هذا.
وقيل: إن المجاز يكون بالزيادة في الكلام وبالحذف منه والنقصان. فأما المزيد فيه كقوله تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} لأن فيه زيادة الكاف أو المثل, لأنه لو قال: ليس كهو شيء أو ليس مثله شيء لاستقل الكلام. وأما النقصان فنحو قوله تعالى: {واسْأَلِ القَرْيَةَ} وتقديره "واسأل أهل القرية" فنقص الأهل وحذف.
وإنما وصفت الزيادة بأنها مجاز, لأنها وردت غير مفيدة, وهي في الأصل موضوعة للإفادة. فصارت مستعملة في غير ما وضعت له. وكذلك النقصان لما حذف من موضعه صار بمثابة كلام عدل عما وضع لإفادته. ولحقيقة الكلام الذي وضع لإفادتها وجوه معقولة من إطلاقه بعد التواضع على إفادة ما وضع له, والمجاز الذي لم يوضع في الأصل له معقول بدليل يقارنه لا بإطلاقه, إذ ليس بموضوع له في الأصل.
فصل
والمجاز مستعمل في موضعه, والباب الذي استعمل فيه لا يتعدى به عنه, ولا يقاس عليه. والحقيقة متعدية إلى جميع ما وضعت لإفادته إما بإطلاقها أو بتقييدها, ولو لم يجر معها لا ينقض طريق المواضعة وبطلت