عن الكلام في الأصل على ضربين:
فضرب منها مستعمل مفيد, والآخر غير مستعمل ولا مفيد.
فأما المستعمل منها: فهو ما يوضع على معناه ودلالته.
وما ليس بمفيد منه ضربان:
أحدهما: الحروف المقلوبة, نحو قولك "ديز" مكان قولك "زيد" و "لجر" مكان قولك "رجل" فهذه الأصوات مهملة غير مفيدة شيئًا.
والضرب الآخر: الحروف المنظومة المتكلم بها على وجه لا يفيد ولا يفهم, نحو هجر المبرسمين وهذيان المجانين مما يخلطونه ويلوثونه لوثًا, لا يكشف عن معنى له محصل. ومن الناس من ينكر كون هذا الضرب والذي قبله كلامًا لكونه غير مفهوم ولا مفيد.
ومنهم من يقول: هو كلام إلا أنه غير مفيد يعنون بذلك أنه عبارة غير مفيدة لشيء معتقد في النفس. والأقرب أن يكون هذا الضرب الأخير كلامًا, لأنه لو يُخلص كل شيء منه مما يفسده لكانت مفردات ألفاظه مفيدة, فإذا وصل بعضه ببعض صار مختلطًا غير مفهوم. ولذلك يقولون تكلم المبرسم والمجنون بكلام غير مفهوم. ويقولون كلام متناقض وفاسد باطل.