بصحة الحد, لأن العلم لا يصح أن يتعلق بالمعلوم- ويكون تبينا له أو معرفة أو إدراكا أو إثباتا له- إلا على ما هو به. ولو تعلق به على ما ليس هو به لكان جهلا, وخرج عن كونه علما, فيصح لذلك أن يقال: حده أنه معرفة المعلوم أو تبين أو إثبات أو إدراك من غير أن يقال على ما هو به. فإن قيل ذلك فعلى وجه الزيادة في البيان والتأكيد.
فإن قيل" ولم عدلتم عن القول بأنه معرفة الشيء أو تبينه أو إثباته إلى القول بأنه معرفة المعلوم؟
قيل له: لأجل أن القول معلوم أعم من القول شيء, لأن الشيء لا يكون إلا موجودا, والمعلوم يكون معدوما وموجودا. ويعلم المعدوم معدوما كما يعلم الموجود موجودا. وقد ثبت أن المعدوم منتف ليس بشيء.
وإذا قيل: حده أنه معرفة الشيء أو إثباته أو تبينه خرج العلم بالمعدوم الذي ليس بشيء عن أن يكون علما وانتقض الحد, لأنه علم بما ليس بشيء فوجبت الرغبة لما ذكرناه عن ذكر الشيء إلى ذكر المعلوم.