صلوا أبدًا, وهو يريد إلى حين الموت, وإن لم يقل إلى أن تموتوا, بل يقتصر بهم على ما وضعه في عقولهم من وجوب سقوط العبادة بالموت.
فإذا قالوا: أجل. ولا بد من ذلك.
قيل لهم: فما الحاجة إلى أن يقول لهم إلى أن أنسخ، وإلا أن أنسخ عنكم. وهو قد وضع في عقولهم جواز ذلك. وهل أنتم في هذا القول إلا بمثابة من قال لا يجوز أن يطلق القول صلوا أبدا دائما إلا أن ينيطه بقوله إلا أن تموتوا أو إلى أن تموتوا, وإلا أوجب إطلاق القول لزوم التعبد مع الموت. وهذا مالا يقوله أحد, ولا فصل فيه.
فإن قالوا: قد وضع في العقل وجوب سقوط التعبد به مع الموت. فجاز أن يذكره مع العبادة، وأن لا يذكره.
قيل لهم: وقد وضع في العقل عندنا وعندكم جواز نسخ ما أطلق لفظة، وأن ما يتناوله اللفظ العام يجوز أن يكون مصلحة في أزمان دون أزمان, وأنه لا يتعبد إلا بما هو مصلحة. فلا يحتاج أن يقول صلوا أبدا ما كانت الصلاة مصلحة، وما لم تكن مفسدة, وهو قد أعلمهم أن الفعل المأمور به في الأزمان يكون مصلحة في زمان، ومثله مفسدة في غيره, ولا يحتاج أن يقولوا صلوا أبدا ما كانت الصلاة مصلحة, لأن في ضمن الأمر بها هذا القصد لا محالة, ولذلك جاز النسخ عندكم، فإن أظهره باللفظ كان مؤكدا به ما في العقل, وإن اقتصر بهم على دليل العقل صح وجاز - وهو مثل جواز أن يقول إلا أن تموتوا, وجواز ترك ذلك من حيث لا يمكن الفصل بينهما.
ثم يقال لهم: إن المطالبة عليكم في الأمرين سواء فلم لا يجوز أن يقول: صلوا أبدا ويطلقه, ويكون مراده به إلى وقت بعينه يثبت عند حصول الحاجة إلى بيانه, وأن يكون فرض المكلف اعتقاد جواز تركه وعموم اللفظ, وكون