الأمة أن قوله تعالى {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إلَى اللَّيْلِ} نسخ للأمر بالصيام, وأن قوله: {وكُلُوا واشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الفَجْر} نسخ لإباحة الأكل، وأن قوله: {ولا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} نسخ لخطر وظئهن في الحيض, بل قد اتفق الكل على أن من حق الناسخ أن يكون وروده متراخيا عن وقت المنسوخ مع اقتضاء اللفظ ودليل التكرار لعموم الأزمان. وإذا كان ذلك كذلك سقط ما قالوه.
فصل: وأجاب آخرون عن ذلك بأن قالوا: لا فصل- لعمري- بين تأخير بيان الأعيان وتأخير بيان الأزمان, ولا يجوز نسخ ما أطلق فيه اللفظ العام أو دليل? التكرار. وإنما يجوز أن ينسخ من ذلك ما علمنا قطعا أنه سينسخه أو أشعرنا بجواز نسخه, والقرينة المؤذنة بوقوع النسخ لا محالة قوله: صلوا أبدا إلى أن أنسخ عنكم والمشعرة بجواز نسخ العام قوله: صلوا أبدا إلا أن أنسخ عنكم, ومتى لم يقل ذلك لم يجز النسخ.
فيقال لهم: ما قلتموه باطل من وجوه:
أولها: إنه يجب عليكم أجازة مثله في تأخير بيان الأعيان إذا أشعر بما يدل على أنه سيخصه لا محالة أو بما يؤذن بجواز تخصصه دون القطع عليه