والذي يدل على صحة ما اخترناه من ذلك أنه لا يخلو تأخير بيان من ذكرناه من أن يكون جائزا أو محالا، فإذا بطلت إحالته وجب القول بجوازه. وقد ثبت أنه لو كان منه وجه من الإحالة لوجب أن يكون إلى العلم بذلك سبيل وطريق, وإذا ثبت أن طريق ما يدعون? إحالته من جهته باطل, ليس على ما يدعونه, بما نبينه من بعد ثبت جوازه, إذ لا منزلة بين الجواز والإحالة وقد علم أن محيله إنما يتعلق في إحالته بأن ذلك يوجب استعمال الخطاب على وجه يقبح, وأنه بمنزلة خطاب العربي بالعجمية, وبمثابة خطاب الميت بالجماد, ومن لا عقل له, ونحن نبين فساد ذلك من بعد, أو بأن ذلك يوجب أن يكون ورود الخطاب بمنزلة عدمه, أو بأنه يوجب الوقف في العموم مع ثبوت ذلك, أو بأنه يريد منا تعالى اعتقاد العموم وإن كان مخصوصا وذلك إيجاب للجهل وخلاف المراد, أو بأنه يوجب أن يدلنا على الشيء بما يدل على ضده ونقيضه. أو بأنه يوجب الإخلال بصحة أداء الفعل وقت الحاجة إلى إيقاعه, أو لأنه يقتضي جواز تأخير بلاغ الرسول مع الأمر له بتقديمه, أو بأنه يوجب صحة تأخيره الدهر الطويل مع حضور الحاجة إلى تنفيذه. وذلك باطل.
فأما إذا لم يرد تنفيذه وأمر (يلزم) الرسول تقديم البلاغ, فإنه جائز