قالوا لأنه لا يجب علينا اعتقاد أمر مخصوص في المجمل إلى حين ورود بيناه, ولفظ العموم موضوع للاستغراق, فإذا أريد به الخاص وآخر بيانه لزمنا اعتقاد العموم وخلاف ما أريد به, وذلك غير جائز.
وسوى كثير منهم بين الأمرين العام كقوله اقتلوا المشركين ونحوه, والمجمل كقوله: {وآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} و {حَتَّى يُعْطُوا الجِزْيَةَ} وأمثاله. وأهل الوقف يجعلون اللفظ المدعى للعموم مجملا في احتماله البعض والكل. ومن المجمل أيضا قوله: افعل عدا صلاة آمرك بقدرها وشروطها ووقتها (وآمرك) واقتل رجلا على صفات أبينها لك, وافعل من الحج والزكاة ما أوقفك عليه, ونحو ذلك، فليس تأخير البيان مقصورا على بيان المجمل الذي يذكرونه والعموم فقط, بل هو جائز في تأخير بيان كل ما يحتاج إلى بيان إذا كان موجبه على التراخي.
وحكي عن قوم من المتكلمين أنهم يجبرون تأخير بيان الأوامر والنواهي والواجب من مضمونها على التراخي في العام والمجمل, ويحيلون تأخير بيان المراد بالخبر العام الوارد على الوعد والوعيد. وفصلوا بين ذلك مما لعلنا أن نذكر من بعد هذه جملة الخلاف في هذا الباب.