العام جائز صحيح، وحمل المقيد على المطلق يوجب إبطال تقييده وفائدته، فاقترن الأمران.
قيل له: وحمل المطلق على المقيد يبطل فائدة إطلاقه ونفي عمومه فيما فيه الصفة. وفيما ليس فيه، ونحن لا ننكر تخصيص العموم بدليل وتقييد غير حكم المطلق المتعلق بغير سببه ليس بدليل على تخصصه أو تقييده، كما أن إطلاق المطلق ليس بدليل على إطلاق غيره المقيد. فبطل ما قلتم.
ويدل على ذلك - أيضًا - أن المطلق والمقيد الواردين في حكمين متعلقين بسببين مختلفين بمنزلة حكم خاص وحكم عام في وجوب إمضاء كل واحد منهما على موجبه، لأنه لو قال في كفارة الظهار: فتحرير رقبة، أي الرقاب كانت من مؤمنة وكافرة وذكر وأنثى لوجب عموم ذلك في كل الرقاب. ولو قال في كفارة القتل فتحرير رقبة مؤمنة لتقيدت بالإيمان، ولم يجب حمل مطلق هذا على تقييد باتفاق. وإذا ثبت ذلك وكان إطلاق الرقبة باتفاق تفيد عمومها شائعًا في سائرها. وقوله: أي الرقاب كانت، وأي رقبة شئت وأمثاله. إنما هو تأكيد لقوله فتحرير رقبة، فوجب حمل المطلق على إطلاقه والمقيد على تقييده.
فصل: ذكر ما يتعلق به المخالفون في ذلك. وقد تعلقوا في ذلك بأن موجب اللسان يقتضي حمل المطلق على المقيد، لأن أهله يكتفون بالتقييد للشيء عن تكرار تقييده وتقييد مثله اقتصارًا على ما ذكر منه/.
قالوا: وعلى مثل هذا ورد قوله تعالى: {ولَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الخَوْفِ والْجُوعِ ونَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ والأَنفُسِ والثَّمَرَاتِ} يريد بنقص من الأموال، ونقص من الأنفس، ونقص من الثمرات. فيدل على إعادة ذكر النقص إيجازًا واختصارًا.