- 7 -
كتاب البلاغة
قد تكلم ارسطاطاليس في هذا الباب وتكلم الناس فيه كثيرا، وقد احكم فيه قدامة بن جعفر الكاتب كتابا حسنا وبلغنا حين تأليفنا هذا ان صديقنا احمد بن عبد الملك بن شهيد ألف في ذلك كتابا، وهو من المتمكنين من علم البلاغة الأقوياء فيه جدا، وقد كتب، إلينا يخبرنا بذلك الا اننا لم نر الكتاب بعد فغنينا بالكتب التي ذكرنا عن الايغال في الكلام في هذا الشأن، ولكنا نتكلم فيه بإيجاز جامع، ونحيل على ما قد بينه غيرنا ممن سمينا وممن نسمي، ان شاء الله عز وجل فنقول وبالله تعالى نتأيد:
البلاغة قد تختلف في اللغات على قدر ما يستحسن اهل كل لغة من مواقع ألفاظها على المعاني التي تتفق في كل لغة. وقد تكون معدودة في البلاغة ألفاظ مستغربة فإذا كثر استعمالهم لها لم تعد في البلاغة ولا استحسنت. ونقول: البلاغة ما فهمه العامي كفهم الخاصي وكان بلفظ يتنبه له العامي لأنه لا عهد له بمثل نظمه ومعناه واستوعب المراد كله ولم يزد فيه ما ليس منه ولا حذف مما يحتاج من ذلك المطلوب شيئا، وقرب على المخاطب به فهمه، لوضوحه وتقريبه ما بعد، وكثر من المعاني [92و] وسهل عليه حفظه لقصره وسهولة الفاظه. وملاك ذلك الاختصار لمن يفهم، والشرح لمن لا يفهم، وترك التكرار لمن قيل له ولم يعقل وادمان التكرار لمن لم يقبل أو غفل.
وهذا الذي ذكرنا ينقسم قسمين: احدهما مائل إلى الألفاظ المعهودة عند العامة