اما لأنفسنا وأما لمن يلزمنا تبصيره من أهل نوعنا فقد قال الأول الواحد الخالق خالق الصدق والآمر به في عهوده الينا: {كونوا قوامين بالقسط شهداء لله} (135 النساء: 4} وقال تعالى: {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن} (125 النمل: 16) وقال لنا رسوله المتوسط بيننا وبينه تعالى، صلى الله عليه وسلم، في وصاياه لنا " لان يهدي الله بهداك رجلا واحدا أحب اليك من حمر النعم ". حتى إذا ارتفع خوفنا أو رجاؤنا لزمنا حينئذ ان نفعل ما أمرنا به الواحد الأول عز وجل في عهوده الينا {عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} (105 المائدة: 5) فنقول لمن لزمنا ان نقول له من هذه الطائفة ولعمري انهم لكثير كما وصف الواحد الأول تعالى إذ يقول مخبرا لنا عمن تاه في الاباطيل: {قل هل أنبئكم بالاخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا} (104 الكهف 18) وقال تعالى {أم لهم أعين يبصرون بها ام لهم آذان يسمعون بها} (159 الاعراف: 7) فنقول لمن هذه صفته: ان كنتم تنكرون الحقائق [72 ظ] وما شهده الحس والعقل وأدياه إلى النفس فلا تستحيون من قبيح هذه الصفة فدعوا التعب في أكل الطعام والسعي فيه وانتظروا كما انتم واخرجوا افرادا إلى مضارب العدو من أطراف الثغور والشعاري الموحشة رافلين في ثيابكم وابقوا هناك مطمئنين ظاهرين حتى تروا صحة ما نحدثكم به تستبين النفس انه يحل بكم، واقذفوا بأنفسكم على امهات رؤوسكم من أعلى المنار وارموا السكاكين والحجارة على لحومكم ثم جذوا بها فان امتنعوا من كل هذا فقد حققوا الاوائل الدالة على عواقب الامور وان تمادوا اعرضنا عنهم إلى ما هو اجدى علينا واولى بنا مما نرجو به التقرب من خالقنا يوم جمعنا للقضاء في عالم الجزاء، نسأله ضارعين ان يمن علينا وان يثبتنا في عداد العقلاء الابرار في هذه الدار وان يدخلنا في عداد الفائزين هنالك، ونعوذ به من ضد ما سألناه آمين.
وأتم من هؤلاء الذين ذكرنا رقاعة وأوقح وجوها المدعون للالهام وما يعجز صفيق الوجه ان يدعي انه ألهم بطلان قولهم بلا دليل ومثل هؤلاء يرحمون لذهابهم عن الحق، وبالله تعالى نستعين.
وقد شغب قوم فقالوا: بأي شيء ثبتت عندكم هذه الامور التي صحت بالعقل