الشريعة في ذلك. الا ان ها هنا وجها ينبغي لك استعماله في المناظرة خاصة على سبيل كف شغب الخصم الجاهل وليس مما يصح به قول ولا يلزم في الحقيقة أحداً ولا ينبت به برهان وهو ان قوما قد اعتادوا عادة سوء فسدت فضيلة التمييز فيهم بالجملة، وذلك انهم لا يلتفتون إلى البرهان وان اقروا انه برهان وقد ألفوا الإقناع والشغب الفاسد من الهم ينقدعون إذا عورضوا به، فهؤلاء ان عارضتهم لم ينجع فيم وربما آذوك بألسنتهم وان عارضتهم بإقناع ذلوا ذلة اليتيم وكفوك شرهم واشتد خزيهم وغيظهم وربما اثر ذلك في بعضهم؛ فاذكروني امر هذه الطائفة على كثرتهم في الناس ما قاله بعض قدماء الأطباء: ان ذا الطبع الشديد الذي لا تخدره الأدوية القوية [71 ظ] فان قرص بنفسج يخدره. ومثال ذلك أقوام تراهم إذا نصرت عندهم القول الصحيح بالمقدمات الصحاح التي هي منصوصة في القرآن والحديث الذي يقرون بصحته لم يؤثر ذلك فيهم أصلاً وكذلك لو وقفتهم عليه حسا وعقلا حتى إذا فلت لهم فلان يقول هذا القول وذكرت لهم رجلا من عرض الناس موسوما بخير انقادوا له وتوقفوا جدا وسهل جانبهم، ولا سيما ان ذكرت لهم جماعة يقولون بذلك فقد كفيت التعب معهم، فهؤلاء ينبغي ان يردعوا بما يؤثر فيهم فالطبيب الحاذق لا يعطي الدواء الا على قدر احتمال بنيه المتداوي، ومداواة النفوس أولى بالتلطف لاصلاحها من مداواة الاجسام.
وأما طلب تقديم المقدمات فاما ان يطلب على وجهه الذي وضعه فيكون الطالب على يقين وثلج واما ان يتفق هو وخصمه على مقدمات لم يثبت بالعمل الذي قدمنا لكن بتراض منهما؛ وهذا ينقسم قسمين: أحدهما ان توقف المقدمات [على] حق فيدخلان في القسم الذي قدمنا ببختهما لا ببحثهما وبجدهما لا بجدهما وبحظهما لا بتفتيشهما؛ والثاني ان يتفقا على مقدمة فاسدة أو مقدمتين فذلك وهذا ينقسم قسمين: أحدهما ان يتراضيا على ذلك معا فيما ظالمان لانفسهما، وما أنتجت تلك البلايا التي التطخا فيها فلازم لهما في قوانين المناظرة لا في الحقيقة، والحقيقة باقية بحسبها لا يضرها تراضي الجهال بالباطل وذلك كثير جدا في الملل والآراء الطبيعية والنحل كاتفاق المنانية على قدم الاصلين والنصارى على التثليث وقوم من