وجدت لفظا آخر [70 و] منقولا حكما صحيحا، فقد وجدت أيضا في الاوامر منسوخا كثيرا بدليل صحيح، فاحكم على كل امر بأنه منسوخ لأنك قد وجدت امورا كثيرة منسوخة، وقد وجدت أيضاً في كلام الناس كذبا كثيرا وهذا هو ابطال الحقائق فارغب عنه كما ينبغي، وبالله تعالى التوفيق.

12 - باب اقسام المعارف وهي العلوم

اعلم ان معرفة كل معرفة منا بما يعرفه وهو علمه بما يعلم ينقسم قسمين: احدهما اول والثاني تال. فالاول ينقسم قسمين احدهما ما عرفه الإنسان بفطرته وموجب خلقته المفضلة بالنطق الذي هو التمييز والتصرف والفرق بين المشاهدات فعرف هذا الباب بأول عقله، مثل معرفة ان الكل اكثر من الجزء وان من لم يولد قبلك فليس اكبر منك ومن لم يتقدمه فليس قبله وان نصفي العدد مساويان لجميعه وان كون الجسم الواحد في مكانين مختلفين في وقت واحد محال وان كل شيء صدق في نفيه فاثباته كذب في نفيه فاثباته حق وان الحق لا يكون في الشيء وضده وان كل اقسام اخرجها العقل بكليتها تامة اخراجا صحيحا ولم يكن بد من احدها فكذبت كلها حاشا واحدا ان ذلك الواحد حق ضرورة.

فالقسم الثاني من هذا القسم الأول هو ما عرفه الإنسان بحسه المؤدي إلى التيقن بتوسط العقل لمعرفة ان النار حارة وان الثلج بارد والصبر مر والتمر حلو والثلج الجديد ابيض والقار لسود وان جلد القنفذ (?) خشن والحرير لين وان صوت الرعد اشد من صوت الدجاجة وما اشبه ذلك. وهذا فلا يدري احد كيف وقعت له صحة معرفة بذلك ولا كان بين اول اوقات فهمه متمييزه وعود نفسه إلى ابتداء ذكرها وبين معرفته بصحة ما ذكرنا زمان أصلا، لا طويا ولا قصير ولا قليل ولا كثير ولا مهلة، وإنما هو فعل الله عز وجل في النفس، وهي مضطرة إلى فعل ذلك ضرورة ولا تجد عنها محيدا البتة، وليس ذلك في بعض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015